1- الرقميات
واعتبرت اللجنة، في تقرير النمـوذج التنمـوي الجديـد ، الرقميات رافعـة حقيقية للتغيير والتنميـة، مشددة على ضرورة إيلائها اهتمامـا خاصا علـى أعلـى المسـتويات فـي هـرم الدولـة باعتبارهـا محفـزا للتحولات المهيكلـة وذات أثر قـوي.
ويرى التقرير، الذي قدمه شكيب بن موسى، يوم أمس الثلاثاء أمام الملك بالقصر الملكي بفاس، أن من شأن الرقميـات أن ترفـع مـن منسوب الثقـة بيـن المواطـن والمقـاولات والدولـة مـن خلال مسـاهمتها في جعـل العلاقة بيـن هذه الأطراف أكثـر انسيابية وشفافية، وذلك باعتماد مسـاطر وإجراءات مبسطة وواضحة وتقديـم خدمـات بجـودة عالية، كمـا يمكـن للرقميات، يضيف التقرير، أن تسـاهم فـي تحـول جـذري فيمـا يخص جـودة الخدمات العمومية وطرق الولوج إليها، خصوصا فـي المناطـق النائيـة، الأمر الـذي يجعـل منهـا وسـيلة للإدمـاج الاقتصـادي والاجتماعـي والترابـي.
ومن أجل التعبئة الكاملة للإمكانـات التـي تتيحها التكنولوجيات الرقميـة فيما يخص الأوراش التنموية للبلاد، شدد التقرير ذاته على ضرورة رفـع خمس تحديات رئيسية، تشمل اعتماد إستراتيجية للتحول الرقمي يعهد بإدارتهــا إلى أعلى مسـتوى، وتأهيل البنيات التحتية الرقمية للصبيب العالي والعالي جــدا الثابت والمحمول، وتوسيع نطاقهـا لتشـمل مجموع التـراب الوطني حتى يتمكن كل المواطنين مــن الولـوج إلــى هــذه الخدمــة، وتطويـر منصات رقميـة بالنسبة لـكل الخدمات المقدمـة للمواطنيـن والمقاولة، وكـذا منصات تسـمح بالمشاركة على المستويين الوطني والترابي، وتكويـن الكفاءات بأعداد كافيـة تكون قادرة علـى إنجاز التحول الرقمي وتنفيـذه علـى أرض الواقع، وأخيرا استكمال الإطار القانوني الهـادف إلـى ضمان الثقـة الرقميـة للمستعملين والسيادة الرقمية للمملكة.
2- الجهاز الإداري
ويرى معدو التقرير أن مــن شــأن هــذا الجهــاز، الذي يمثــل الجهــاز الإداري رافعــة جوهريــة أخــرى للشــروع فــي التغييــر وقيادتــه، أن يكــون حامــا ومحــركا أساســيا لتنفيــذ جــزء مهــم مــن أوراش التنميــة بتعــاون مــع الفاعليــن الآخريــن، والــذي تعتبــر قدرتــه علــى الاضطــلاع بهــذه الأوراش، ســواء علــى المســتوى المركــزي أو الترابــي، شــرطا لنجــاح النمــوذج التنمــوي الجديــد.
وقصــد الرفــع مــن فعاليتــه، شدد التقرير على ضرورة بقاء الجهــاز الإداري بعيــدا عــن منطــق الانتمــاء الحزبــي وأن يتــم توضيــح اختصاصاتــه بشــكل دقيــق بحيــث يتــم الفصــل، مــن جهــة، بيــن المســتوى الاســتراتيجي ومســتوى وضــع السياســات العموميــة الــذي يدخــل فــي نطــاق المجــال السياســي، ومــن جهــة أخــرى، بيــن مســتوى التقنيــن الــذي هــو مــن اختصــاص الإدارة والمســتوى العملــي المكلــف بالتنفيــذ والتتبــع الــذي يعهــد بــه إلــى المتدخليــن العمومييــن أو الخــواص علــى المســتوى الترابــي.
وأكد التقرير على أن التجديـد المنتظم لمسؤولي الوظيفة العمومية العليـا، على المستويين الوطني والمحلي، يظل أحد أهم الرهانات الذي يجب أن تحظى بالاهتمام البالغ، وأن تحسـين أداء الإدارة يقتضـي تبسـيط وتخفيـف مساطر التسـيير الداخلية، وأن تساهم المقــاولات والمؤسســات العموميــة، كإحــدى مكونــات الجهــاز الإداري، بشــكل قــوي فــي مرحلــة انطــلاق النمــوذج الجديــد، وأن تركز الإدارة على جــودة الخدمــات المقدمــة للمواطن والمقاولة، مـن خلال تسريع مسلسل تبسيط المساطر الإداريـة ورقمنتها الشاملة، وتمكين المواطن من الولوج إلى المعطيات العمومية، حتى يكون بوسعه التقييم المنتظم لجودة الخدمات وإمكانية الطعـن فـي حالات وجود نـزاع أو تجاوز.
3- التمويل
وبحسب التقييمات الأولية، تتطلـب الإصلاحات والمشـاريع المقترحة فـي هـذا النموذج، تمويلات عموميـة إضافية تقـدر بحوالي 4 بالمائة مـن الناتج الداخلي الخـام سـنويا فـي مرحلـة الانطلاق (2025-2022 ) وبحوالـي 10 بالمائة مـن الناتـج الداخلي الخام فـي مرحلة السـرعة القصـوى فـي أفـق 2030.
وأشار التقرير إلى أن اسـتراتيجية تمويـل النمـوذج التنمـوي الجديـد بالخصـوص تستهدف مرحلـة انطلاقـه، التـي سـيتم تحفيزهـا مــن طــرف الدولــة، والتــي تسـعى إلــى ضمــان شــروط تولــي هـذا التمويـل مــن طــرف القطــاع الخــاص، مبرزا أن هــذه الإستراتيجية تسـتند علــى فرضيـة أن الانطلاقة الناجحـة سـتمكن مــن إحـداث دينامية إيجابيـة تؤهـل النموذج التنمـوي الجديـد إلـى المساهمة فـي خلـق مـوارد إضافية، وبالتالي المساهمة فـي التمويـل الذاتـي للمشاريع المقترحة.
وحسب التقرير، فإن هذه الاستراتيجية ترتكـز علـى خمس دعامـات مهيكلـة تحتـاج للتمويـل العمومـي والخاص، ويجـب تفعيلها بشـكل متزامن، تتمثل في سياسة ماليـة تتماشـى مـع أهـداف النمـوذج التنمـوي الجديـد، وسياسـة ميزانياتيـة مرنـة تنـدرج فـي إطـار الديناميـة المتوسـطة والبعيـدة المـدى التـي يتطلبهـا كل نمــوذج تنمــوي، وسياسـة جبائيـة أكثـر فعاليـة، مـن شـأنها تعبئـة مـوارد إضافيـة، تقـدر بنسـبة تتـراوح مـا بيـن 2 بالمائة و3 بالمائة مــن الناتــج الداخلــي الخــام، وإطلاق عمليـة التحـول الهيكلـي للاقتصاد، بشـكل يمكـن من خلـق مـوارد إضافية علـى المديين المتوسـط والبعيــد، وأخيرا إقرار شـروط ملائمة للرفــع مـن الاستثمار الخاص الوطني والدولي، مــن خلال إطـار اسـتثماري جـاذب، وتنويـع آليات وأنظمة التمويـل وجعلهـا فـي خدمـة التحول الاقتصادي.
4- مغاربة العالم
وأكدت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد على أهمية تفعيل الأحكام الدستورية مـن أجـل تمثيـل أفضـل للجالية المغربية فـي الخـارج، وذلـك مـن خلال تعزيـز مجلـس الجالية المغربية، داعية إلـى التركيز علـى تنفيذ سياسات متجـددة وملائمة لاحتياجات وانتظارات هـذه الشـريحة المهمة مــن الشعب المغربي والدفاع عــن مصالحهـا لــدى بلـدان الإقامة.
وأوصت اللجنة باعتماد مقاربات محفزة تعـزز جـذب مغاربـة العالـم ذوي المؤهلات العالية والعاملين فـي القطاعات المتطـورة، مع إحـداث قاعدة بيانات لمغاربة العالم يمكـن للمؤسسات المغربية العمومية والخاصة الولـوج إليهــا.
وشدد التقرير على أهمية الاستثمار في خصوصية مغاربـة الخارج، باعتبارهم حلقة وصـل بيـن المغـرب وباقـي بلـدان العالم، مشيرا إلى أنه من خلال دورهـم كـ”جسـر” بيـن السوق الوطنية والأسواق الدولية، يمكنهم أن يساعدوا علـى تعبئة رؤوس الأموال، وتطويـر شـراكات جديــدة، أو الولـوج إلــى كفاءات وخبرات غيـر متوفرة بالمغـرب، وأيضا الترويج لمنتجات وخدمات مغربيـة.
وأوصى التقرير بتشـجيع اسـتثمارات الجالية عبـر اعتمـاد سياسـة شـاملة ومندمجـة ترتكـز علـى آليـات للمواكبـة وربـط الاتصـال مـع حاملـي المشـاريع فـي المغـرب، وبإحـداث وكالة مغربيـة للعمل الثقافي بالخارج لتوحيـد وتقوية الروابط الثقافية واللامادية مـع هـذا المكون الأساسي والهـام مـن الشعب المغربي.
5- تعزيز الشراكات الدولية
وثمن التقرير اختيــار المغــرب، الــذي لا رجعــة فيــه، فــي الانفتــاح علــى محيطــه والتزامــه الدائــم بالدفــاع عــن القضايــا المشــتركة ومســاهمته فــي رفــع التحديــات العالمية، مؤكدا أن تفعيل أوراش التحول المقترحة مـن طـرف النموذج التنموي الجديـد، يقتضي تعبئـة الشراكات الدولية سـواء لتعزيـز الاسـتثمارات أو لدعـم عملية نقـل التكنولوجيا والمهارات فـي إطار التعاون والشـراكات ذات الطبيعة التقنيـة والاستراتيجية وبمقاربة ترتكـز علـى التنمية المشتركة.
واعتبر التقرير أن رهانــات النمــوذج التنمــوي الجديــد يمكــن أن تشــكل رافعــة لتعميــق علاقـات التعــاون والتنميــة المشــتركة علــى المســتوى الثنائــي والإقليمــي والقــاري، كما أن رهانــات النمــوذج يمكنهــا أن تشــكل أيضــا رافعــة لتعميــق وتنويــع الشــراكة المميزة التي تربط المغرب بالاتحاد الأوربي
وشددت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد على ضرورة تعزيـز البعـد الأطلسي للسياسة الخارجية للمملكة عبـر تعميـق روابـط الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية، مـن خلال التعبئة الكاملة لإمكانات اتفاقية التبادل الحر وللفرص التجارية والاستثمارية المتاحة، كما أكدت علـى أهمية الشراكة الاستراتيجية التـي أقامها المغـرب مـع مجلس التعاون لدول الخليج العربية، علـى الصعيدين الثنائي والمتعـدد الأطراف.
وأشادت اللجنة بأهمية تعزيز علاقات الشراكة مـع الدول الصاعـدة، خاصة تلك التي أبرم معها المغـرب شراكات اسـتراتيجية، كالصين والهند وروسيا، بالنظر إلـى المكانة التي تحتلها هذه البلدان ضمن التوازنات الجيو- سياسية والجيو-اقتصادية الحالية، والمستقبلية فـي ظـل عالم ما بعـد أزمة “كوفيد-19”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...