أكد حسن الداكي، رئيس النيابة العامة، بأن رئاسة النيابة العامة أخدت على عاتقها اعتماد وتفعيل استراتيجية تواصلية ومقاربة منفتحة قوامها نسج علاقات متينة مع السلطات القضائية الأجنبية والمؤسسات والمنظمات الدولية الرسمية وغير الرسمية، والتي تعنى بموضوع العدالة والقانون، مما قد يمكن من خلق روابط تخدم سياسة مكافحة الجريمة بشكل عام والجريمة المنظمة والعابرة للحدود بكل أشكالها.
وأكد رئيس النيابة العامة خلال حفل تقديم الدليل العملي لمسطرة تسليم المجرمين، على أن هذه المسطرة تعد من أقدم أشكال التعاون الدولي وأكثرها حزمًا في مجال العدالة الجنائية، ومعلوم أن عمليات التسليم تكون غالبا معقدة ومركبة، بفعل المتطلبات القانونية والتقنية المختلفة المتعلقة بها، والتي تفرضها القوانين الداخلية للدول أو الاتفاقيات الثنائية أو الإقليمية أو الدولية. وهو ما يتطلب الإلمام بقوانين التسليم والاتفاقيات الدولية المنظمة له، وضبط إجراءاته، واحترام الآجال المقررة له. ذلك أن عدم مراعاة تلك المساطر يؤدي إلى رفض طلبات التسليم أو يؤدي إلى إطالة آماد البت فيها، ما قد يضر بالسير السليم للعدالة الجنائية، وهو ما يدعو إلى تكوين وتحسيس الجهات القضائية والإدارية المكلفة بتدبير قضايا التسليم على مساطره كما يحددها القانون الوطني والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وأبرز الداكي بأن المملكة المغربية قد انخرطت في المجهودات الدولية في هذا السياق من خلال المصادقة على مختلف الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، بتقوية آليات العدالة الجنائية وإبرام عدد من اتفاقيات التعاون القضائي الثنائية في الميدان الجنائي قصد تبادل المساعدة القضائية وتسليم المجرمين ونقل المعتقلين وغيرها من آليات التعاون القضائي الدولي. كما اعتمدت تجارب ناجحة لتسهيل وتتبع تنفيذ الاتفاقيات الثنائية مع الدول لتعزيز التعاون القضائي كمؤسسة قاضي الاتصال أو شبكات التعاون القضائي الموضوعاتية كالشبكة الرباعية الذي تنخرط فيها النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب ببلادنا إلى جانب النيابات العامة المعنية بكل من فرنسا واسبانيا وبلجيكا.
واعتبر الداكي بأن السبب في تزايد اهتمام المنتظم الدولي إزاء تعزيز التعاون القضائي بين الدول من أجل محاصرة الجريمة وضمان عدم الإفلات من العقاب هو إمكانية تنقل الأفراد عبر العالم بمن فيهم مرتكبي الأفعال الإجرامية، ما أصبح يفرض كامل اليقظة لعدم إفلاتهم من العقاب. مشيرا إلى أن مكافحة الجريمة تعد من أكبر التحديات التي تواجه أجهزة العدالة الجنائية بسبب تفشي نشاط الشبكات الإجرامية واستغلالها لتطور وسائل الاتصال والمواصلات والتكنولوجيا الحديثة، حيث أصبحت الحدود الوطنية للدول سهلة الاختراق وتكاثرت الجرائم العابرة للحدود الوطنية نتيجة لذلك.
وقد وفرت رئاسة النيابة العامة دليلا استرشاديا لمختلف الفاعلين في مجال العدالة والمهتمين بالموضوع، يرمي إلى توفير المعلومات الحقوقية والقانونية المتعلقة بمسطرة تسليم المجرمين. وتيسير وتوحيد العمل بالنيابات العامة بهذا الخصوص، ويتوخى من خلال محاوره الخمسة بيان مختلف المواضيع ذات الصلة بتسليم المجرمين، كالأوامر الدولية بالبحث وإلقاء القبض، وطلبات الاعتقال المؤقت مرورا بتعريفها وصولا إلى شروطها وكيفيات تنفيذها. كما يوضح الدليل أيضا ذلك في قالب مبسط الشروط الشكلية والموضوعية لطلبات التسليم الصادرة عن السلطات القضائية المغربية أو الواردة عليها من السلطات القضائية الأجنبية، ويطرح بعض الإشكاليات العملية التي تعترض هذه الطلبات مقترحا حلولا لها.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...