افتتح وزير العدل عبد اللطيف وهبي، اليوم الاربعاء 23 مارس الجاري، أشغال الدورة العاشرة لبرنامج “الجامعة بالسجون”، التي يتمحور موضوعها حول “المخططات الاستراتيجية للتنمية: أي موقع للمؤسسة السجنية “.
وبهذه المناسبة، قال وهبي، على أن المغرب بفضل المقاربة الشمولية لقضايا السجون والسجناء، قطع الكثير من الأشواط، مؤكدا أنه تحقق خلالها العديد من المكاسب والتراكمات، بفضل إسهام الجميع (قطاعات حكومية، فاعلون اقتصاديون واجتماعيون، مجتمع مدني، إعلام وقوى حية)، في انسجام تام مع توجيهات صاحب الالة الملك محمد السادس الذي ما فتئ ينادي باستراتيجية عميقة وشمولية للقطاع.
وأكد الوزير وهبي، في هذا اللقاء على أهمية المقاربة القانونية التي اعتبرها المتحدث حجر الزاوية في كل السياسات العمومية التي تروم النهوض باوضاع المواطنين بما فيهم السجناء، مؤكدا أن وزاره العدل لن تدخر جهدا في العناية بهذا المجال.
واشار الوزير، إلى ان ما يثار من ملاحظات على دور وثيقة السجل العدل في مجال إعادة إدماج السجناء، يعد أحد أهم هذه الجهود، مشيرا إلى أن هذه الوثيقة تعد من ابرز العوائق امام اعادة الادماج الاجتماعي، بما يعد حاجزا أمام الولوج إلى سوق الشغل، ويساهم في التقليص من فرص تشغيل السجناء المفرج عنهم؛ وذلك بالرغم مما تكتسيه هذه الوثيقة من أهمية بالغة في سير نظام العدالة الجنائية، إلا أنها في صيغتها واستخداماتها الحالية، حسب وهبي، تعتبر عقبة حقيقية أمام جميع أنظمة العقوبات عبر العالم، كما تعكس قطيعة بين خطاب إعادة الإدماج والواقع القانوني، وهي الاكراهات التي حاولت الأنظمة المقارنة إيجاد حلول لها: إما من خلال التنصيص صراحة ضمن تشريعات الشغل على منع طلب وثيقة السجل العدلي أثناء الولوج للمهن، أو من خلال مراجعة منظومتها الجنائية الإجرائية وإدراج بعض الاستثناءات بما يسمح بإعادة إدماج السجناء في الوسط الاقتصادي والاجتماعي.
وأضاف الوزير، أن معالجة هذه الإشكاليات، تطلب من وزارة العدل إدراج تعديلات في مشروع قانون المسطرة الجنائية، تروم تحقيق عملية إعادة الإدماج بالنسبة للسجناء المفرج عنهم، من قبيل منح النزلاء الذين تلقوا تكوينا مهنيا أو حازوا على شهادات علمية داخل أسوار السجن سجلات عدلية فارغة من السوابق لتشجيعهم على الاندماج بشكل جيد داخل المجتمع بعد الإفراج عنهم.
وفي نفس السياق، أكد الوزير، أنه يتم التفكير أيضا، في إعادة النظر في مسطرة رد الاعتبار، حيث سيتم تحفيز المحكوم عليهم على الانخراط في برامج الإصلاح والإدماج، عن طريق تقليص آجال رد الاعتبار القانوني والقضائي؛ أو الإعفاء من الأجل بالنسبة للسجناء الذين ساهموا بجدية في برامج التأهيل والإدماج؛ وإسناد مهمة رد الاعتبار القانوني بكيفية تلقائية إلى كتابة الضبط تحت مراقبة النيابة العامة.
وفي نفس الصدد، أشار وهبي، إلى أن التدابير القانونية التحفيزية، مثل العفو والإفراج المقيد بشروط، تعد من الوسائل المهمة في تعزيز عملية إدماج السجناء، حيث يمكن الاعتماد على معياري التمدرس والتكوين المهني والحرفي كمحفزات للاستفادة من الآليتين المذكورتين تشجيعا للنزلاء على الانخراط التام في عجلة التنمية.
وفي ذات الإطار، أشار الوزير، إلى أن ضمان الأثر الإصلاحي للعقوبات يتطلب التعامل مع السجناء وفق مبدأ التفريد، إذ لا يقتصر الأمر فقط على أنسنة ظروف الإيواء وإنما يتوجب التركيز أيضا على الجوانب النفسية والعقلية للسجين وتعزيز رغبته في الاندماج في المجتمع بعد الإفراج عنه، وبالتالي مساهمته في السياسة التنموية التي تنهجها المملكة المغربية.
وفي نفس السياق، لاحظ الوزير، أن الأحكام قصيرة الأمد تعتبر عقبة حقيقية أمام بلورة برامج لإعادة إدماج السجناء تستجيب لانتظاراتهم وتحثهم على الانخراط في المجتمع بعد تنفيذ عقوبتهم، وهو ما يفسر عزوفهم عن المشاركة في برامج إعادة الإدماج خاصة ما يرتبط بالتمدرس والتكوين الحرفي والمهني، كما يبقى انخراطهم في هذه البرامج رهينا بتوفر الإرادة لديهم لفعل ذلك، الأمر الذي أصبح يتطلب، حسب وهبي، التنصيص على عقوبات بديلة، كالعمل من أجل المنفعة العامة والمراقبة الالكترونية وغيرها…، ذلك أن كثرة الأحكام بالمدد القصيرة، ينعكس سلبا على عملية إعادة تأهيل السجناء لإعادة إدماجهم الاجتماعي، إذ غالبا ما تكون فئة المحكومين بهذه المدد من ذوي السوابق والمتابعين من أجل جرائم صغرى وهي فئة لا يكون للسجن أي تأثير ردعي عليها، وبالتالي يبقى من الصعب إعداد برنامج تأهيلي أو إصلاحي خاص بها.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...