دق “المجلس الأعلى للحسابات” قبل أسابيع قليلة، ناقوس الخطر بخصوص ندرة المياه في المملكة، مؤكداً أن المغرب “تحت عتبة الندرة المزمنة للماء”. وفي ظل هذه المعطيات الرسمية والتي تشير أيضاً إلى تراجع مقلق في حصة الفرد من المياه بالمغرب، تسعى المملكة إلى إيجاد بدائل لتجنب الأسوأ خلال قادم السنوات واحتواء التداعيات السلبية. ويعزو المسؤولون ندرة المياه إلى تراجع الأمطار خلال السنوات الماضية، إذ بلغ العجز السنوي مليار متر مكعب. *أرقام مقلقة وبلغة الأرقام فإن موارد المغرب المائية تقدر بنحو 22 مليار متر مكعب في السنة، وهو بذلك يصنف من بين العشرين دولة الأكثر “إجهاداً” في العالم من حيث توفر هذه الموارد، إذ يبلغ النصيب السنوي للفرد من الموارد المائية حوالي 620 مترا مكعبا. ووفق المجلس، فإن هذه الوضعية تضع المغرب تحت عتبة الندرة المزمنة، التي قد تتدهور في أفق سنة 2050 لتصل لعتبة الندرة المطلقة المتمثلة في 500 متر مكعب للفرد. وتتزامن هذه الأرقام المقلقة مع تراجع حاد في كمية التساقطات المطرية المسجلة خلال هذه السنة، ما يؤثر سلبا على سير الموسم الزراعي، خاصتا الزراعات الخريفية وتوفير الكلأ للماشية. ويعد القطاع الفلاحي أحد أعمدة الناتج المحلي الإجمالي بالمملكة، ويتأثر النمو العام سلبيا أو إيجابيا وفق معدل الأمطار المسجلة كل عام، وكمية المحصول الزراعي. ويوفر هذا القطاع الحيوي نحو 4 ملايين فرصة عمل، ويمثل نسبة مهمة من الاقتصاد الوطني بحوالي 74 مليار درهم. *حلول وحيال ذلك، تبحث الوزارة المكلفة بالماء عن الموارد المائية القارة، وذلك على اعتبار أن المغرب لن يعول خلال السنوات القادمة على المطر كخزان استراتيجي للماء في ظل التغيرات المناخية. ومن بين الحلول المطروحة في الوقت الراهن تتمثل في التنقيب عن الماء، ومواصلة سياسية بناء السدود، وبرمجة مجموعة من السدود الصغرى، وكذا تحلية مياه البحر. وقبل أسابيع قليلة، أعلن الديوان الملكي عن إطلاق برنامج استثنائي بقيمة 10 مليارات درهم لدعم القطاع الزراعي المتأثر بشح التساقطات، والتخفيف من آثار الجفاف. ويحظى ملف تدبير الموارد المائية باهتمام جلالة الملك محمد السادس، الذي اجتمع بمسؤولين في أكثر من مناسبة لبحث الأمر وتسطير البرامج الكفيلة بمحاربة الجفاف. ومن جهتها، أطلقت السلطات حملات تحسيسية لحماية الموارد المائية وترشيد استهلاك الماء الصالح للشرب. وبدورها، دعت وزارة الداخلية في وقت سابق المسؤولين المعنيين إلى منع المواطنين من استخراج المياه بطرق غير قانونية من خلال الآبار والثقوب الأرضية، مع العمل على تزويد الساكنة المتضررة بالماء الصالح للشرب عبر شاحنات. ويكافح المغرب أسوأ موجة جفاف في 30 عاما، والذي من شأنه أن يؤثر على الاقتصاد الوطني والناتج الداخلي الخام للبلاد.
*رهان تحلية مياه البحر ويراهن المغرب على مشروع تحلية مياه البحر لتجاوز ندرة المياه. وتتوفر المملكة على 9 محطات خاصة بتحلية مياه البحر تُنتج حوالي 147 مليون متر مكعب في السنة. وفي ظل تزايد المخاوف من ندرة المياه الصالحة للشرب في بعض المناطق من المملكة خصوصاً في الجنوب، لجأت الجهات المعنية إلى الاستثمار في تحلية مياه البحر. ومن أبرز المشاريع التي أطلقت في هذا المجال محطة تحلية مياه البحر في ضواحي مدينة أكادير وتحديداً بمنطقة اشتوكة آيت باها، والتي تصنف من ضمن أكبر المشاريع في افريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط. وبحسب المعطيات التي كشف عنها الموقع الرسمي لوزارة الفلاحة، يهدف هذا المشروع بشكل أساسي إلى الحفاظ على الفرشة المائية لمنطقة اشتوكة آيت باها المهددة بالتوغل البحري، وتأمين الري في هذه المنطقة عن طريق تحلية مياه البحر بدلا من استعمال المياه الجوفية، وتأمين تزويد مدينة أكادير بالماء الصالح للشرب، كما يهدف أيضا إلى الحفاظ على النشاط الزراعي. وفي نفس الاتجاه، شرع المغرب في تشييد محطة كبيرة لتحلية مياه البحر بمدينة الدار البيضاء، وتشير معطيات رسمية إلى أن سعتها ستبلغ 300 مليون متر مكعب سنويا.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...