هكذا شبهت قناة دنماركية اللاعبين المغاربة الذين يعانقون امهاتهم وآباءهم بعد المباريات. فهل هذا صحيح؟
اظن ان الوجدان والعواطف من خاصيات الثدييات طبعا، وهذا ما خول لها التنوع والاستمرار والاجتماع، على عكس الزواحف التي انقرض أغلبها ولم يبق منها إلا أنواع قليلة كالتماسيح والأفاعي وتنين أندنوسيا وبعض السحليات، أما الأكبر حجما فقد انقرضت عن آخرها. بمعنى آخر إن الدنماكريين أدنى من الثدييات، فهم آيلون إلى الانقراض وهذه ليست مزحة.
ففي 9 من سبتمبر 2020 نشر موقع Dirigeant.fr مقالا بعنوان العلامات الأولى للحضارة Les 1er signes de la civilisation نسبت إلى مارغريت مايد Margaret Mead الانثربولوجية التي قضت أغلب عمرها بأفريقيا وهذا هو النص Il y a des années, un étudiant a demandé à l’anthropologue Margaret Mead ce qu’elle pensait être le premier signe de civilisation dans une culture. L’étudiant s’attendait à ce que Mead parle d’hameçons, de casseroles en terre cuite ou de moulins en pierre. Mais ce ne fut pas le cas. Mead a dit que le premier signe de civilisation dans une culture ancienne était un fémur cassé puis guéri.
سأل أحد الطلاب عن رأيها عن أول العلامات التي تدل على حضارة في بيئة معينة، متوقعا أن تشير إلى خطاف أو قدر من طين. فأجابت بأن أول علامة على حضارة في بيئة ما هي جبر عظم فخد مكسور. لم أترجم النص حرفيا لتجنب الإطالة. طبعا من غير المؤكد أنها قولة لمايد، ولكنها منسوبة إليها.
والمغزى أن صاحب الفخد المكسور عرضة الى الموت أو طعام للسباع، لكنّ اهتمام أهله به حتى شفي دليل قوي على بداية حضارة. فعناية جماعة ما بأفرادها يجعل منها فردا متكتلا قويا. ولولا هذا التلاحم لما عمرت الأرض أساسا. فعمر الإنسان على الأرض بالنسبة لكارل ساغان Carl Sagan الذي ضغط عمر الكون في سنة لا يتجاوز الثوان العشر الأخيرة من 31 دجنبر قبل الثاني عشرة ليلا. أي وجودنا كعدمنا، ولكن لحكمة لا يعلمها إلا الله تعالى خلقنا.
لا مفر من القول بأن الوجدان يتأرجح بين الفقر والجهل المدقعين حيث لا يفكر المرء إلا في البقاء ويكون قاسيا، وبين الترف الذي يقتل القلوب فتغدو قاسية لا تحس ولا تتألم. ورغم ذلك تعطينا الكائنات التي تشاركنا المخ الأوسط mésencéphale درسا في الاعتناء بأفرادها.
غير أن الفرق بيننا هو اهتمامها بصغارها فقط، أما بالكبار والعجزة فهي خاصية إنسانية. والنبيه سيُكشف له أن الله تعالى لم يذكر في التنزيل الحكيم آية تذكر الآباء بالإحسان إلى أبنائهم، عدا اليتامى فقد أمرنا الله تعالى ألا نقهرهم لأنهم بغير غطاء أبوي دافئ. لكن بالمقابل أتبَع النهيَ عن الشرك بالإحسان إلى الوالدين حتى لا يفتر ذلك الود والقرب والحب لوالدين قدما عمريهما من اجلك.
الغرب ينقرض وأؤكدها، ونحن نعيش مرحلة الانقراض السادس، حسب قول علماء الأرض والمناخ والبيئة، ومتتبعي الكويكبات التي تهدد الأرض. لكن هذا الانقراض لا يهدد الحياة، لأنها خارج معادلة التفسير العلمي. إلا أن انقراض الغرب سيكون سببه توقف تعاقب النسل، لقتلهم الامومة، وعدم نسبة الأبناء إلى آبائهم، فأكثر من ستين بالمائة لا يعرفون آباءهم، وقد يعاشر الأخ اخته دون علمهما بقرابة الاخوة، او البنت أباها كذلك. إنهم ينحدرون إلى زنى المحارم بالتدريج. فهل سنتبعهم؟؟؟ هذا سؤال راجع إلى من يتولون أمورنا، وطبعا إلى الشعوب.
قلت، إن أغنية les vieux تصف بالتدقيق حال شيخ وعجوز صامتين لا يخرجان إلا لتأبين شيخ أسن منهما أو عجوز، يقبضان بيدي بعضهما خوفا من الضياع لكنهما يضيعان، فهما لا يموتان وإنما ينامان طويلا، والباقي منهما يعيش جحيم الوحدة…
إن تضامن الأسرة عندنا، وطلب رضى الوالدين هما مفتاح الراحة النفسية وطاقة الحياة لأنها من عبادة الله تعالى. أما الذي قتل إلهه كما قال نيتشه Dieu est mort وهي صرخة وعي يائس منذ القرن 19 حاول استبدال إلهه الميت بالإنسان الخارق. فالكائن سائر إلى العدم او العدم والكائن سيان يتبادلان الأدوار عند سارتر في كتابه L’être et le néant. وهو مستوحى من كتاب هايدغر L’être et le temps والزمن الفلسفي ليس هو الزمن الفيزيائي
سُئل أدغار موران مرة عن الموت، فأجاب عندما فقد زوجته الأولى وهي كندية من السكان الأصليين، كيفية اجتماع ذويها وحديثهم عنها كأنها حية يذكرون أفضل لحظاتهم معها، فتعجب من قدرتهم على تقبل الموت، وارتباطهم بالميت كأنه حي.
إن بلاد الدنمارك تعرف أقل نسبة ولادات بأوربا، رغم مستوى العيش الرغيد الذي ينعمون به، كما أن سجونهم شبه فارغة، فهم كجيرانهم السويديين يحاولون سرقة الأطفال المسلمين لتبنيهم-وهي حالة معمول بها في السويد-فجيناتهم آيلة إلى التوقف عن أداء وظائفها. فقد لخص موران في الجزء الثاني من المنهج الذي يحمل عنوان “الحياة من الحياة ” : Tout acte vivant, dans son caractère génétique, produit un présent réfèrent au passé et propulsé vers l’avenir. Tout acte vivant comporte remémoration et genèse, y compris la mutation génétique, qui n’abolit pas toute mémoire, mais la modifie. Chaque naissance est la représentation – la présentification – d’un passé, sa réinscription dans un devenir. أي كل كائن حي في صبغياته الجينية، يوجِد حاضرا يحيل إلى الماضي ويرتقي إلى المستقبل. كل فعل حي يحمل ذاكرة وميلادا ومن ضمنها الطفرات الجينية التي لا تمحُو كل الذاكرة، ولكن تعدلها. وكل ميلاد عرضٌ للماضي، وبداية تشخيص لهذا الماضي، بإعادة كتابته في المستقبل… ثم يقول Nous possédons des gènes qui nous possèdent
نمتلك جينات تمتلكنا (143-147) أي إن مورثاتنا ستشخص وجودا من طبيعة فعلنا ولا شك سيكون مسخا عنهم.
ألست ترى نوحا عليه السلام يقول: ” إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا”
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...