الثامن من مارس ٬عيد المرأة و بالخصوص المرأة المغربية التي أكتب لها وعنها هذه الكلمات٬ما الذي تغير في حيات المرأة المغربية؟أثناء قراءتي لمقال لجورج أورول كتبه سنة 1939 في زيارة له إلى مراكش٬ استوقفتني العديد من العبارات من قبيل أن الفلاح المغربي لا يمكن تمييزه في الحقل لتشابه لونه مع لون التربة٬عكس الفلاح الانجليزي أبيض البشرة الذي يمكن ملاحظته من بعيد٬أو أن الناس الذين يشتغلون في الأعمال اليدوية يكونون غير مرئيين تقريبا٬وكلما كان العمل مهما كانوا غير مرئيين أكثر.
لكن ما يحز في النفس هو وصفه للنساء اللواتي يحملن الحطب ٬ففي كل عصر تمر مجموعة من النساء الكبيرات في السن ٬كل واحدة منهن تحمل ضعف وزنها من الحطب الذي يعجز عن حمله البغل الانجليزي٬بشرتهم مثل لون تربة الأرض٬لا يمكن تمييز ملامحهن ولا معرفة سنهن ٬الكل متشابه.
وفي السفر تلاحظ أن الابن و الأب يركبان على البغال٬وتجد الأم خلفهن تمشي راجلة وحاملتا أثقالا.
وفي ختام المقالة قال (لابد من حادثة أن تقع لترى النساء تحت الكومة من الخشب).
ألا يذكركم هذا بشيء؟ هذه العبارة الختامية تذكرنا بفاجعة الصويرة٬التي أودت بحيات العديد من النساء والسبب كيس دقيق لايتجاوز المئة و الخمسين درهم٬ أما باب سبتة فهو الأخر شاهد على انتهاك أبسط حقوق النساء في العيش الكريم٬بين استغلال المهربين و ركلات رجال الجمارك٬ تنتهك كرامتهن ويحط من قدرهن .
غير أن ظاهرتا جديدتا تجلت لنا من العدم ٬وهي استغلال النساء من طرف الجمعيات والأحزاب سياسية٬كيف؟ بالأمس حضرت إحدى الاحتفالات باليوم العالمي للمرأة ٬وبدا لي أنه اليوم العالمي لاستغلال المرأة لا غير٬فالكل همه أن يأخذ ما تيسر له من الصور مع هؤلاء النسوة البائسات ليضعها في مكتبه أو في تقريره المالي ليعزز بها ملف الدعم ٬لكن ما ذنب هؤلاء النسوة وسط هؤلاء الانتهازيين الذين يدعون حماية المرأة من كل شيء عدى أنفسهم وأطماعهم.
إلى السيد جورج أورول ٬ المغرب الذي زرته سنة 1939 مازال على حاله٬مازال الحمار أصغر من كلب سانبرنار٬ومازالت النساء تحملن الحطب في الجبال٬ ومازال النسوة يضعن حملهن في قارعة الطريق و المحضوضة تظعه في باحة المستشفى ٬ومازال المزارع المغربي موسوما بلون التراب ويصعب تمييزه٬لا داعي لتعيد الزيارة فمغرب 1939 هو مغرب 2020 .
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...