تواجه صناعة التأمين على الحياة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية خسارات مالية كبيرة بسبب ارتفاع عدد الوفيات عبر العالم نتيجة انتشار فيروس كورونا.
أميركا.. خسائر واشتراطاتمثّل انتشار فيروس كورونا الواسع في الولايات المتحدة -التي تخطى لديها عدد الإصابات 556 ألفا، والوفيات 22 ألفا- تحديا كبيرا وغير مسبوق لصناعة التأمين على الحياة.
سلطت أـحد المنابر الاعلامية الضوء على وضعية شركات التأمين في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ورصدت حجم الخسائر والحلول لمواجهة طلبات التعويض المرتفع من جانب العملاء.
وتلقت شركات التأمين الأميركية ضربة مزدوجة، حيث من المتوقع أن تخسر الكثير من الأموال نتيجة عدد الوفيات الكبير الذي يتزايد كل يوم بمعدلات ضخمة والذي قدرته مصادر حكومية أميركية بما بين مئة ألف ومئتي ألف شخص.
ومن ناحية أخرى يمثل انهيار قيمة العوائد على السندات الحكومية لمعدلات تاريخية خسارة أخرى كبيرة لتلك الشركات التي تفضل استثمار جزء كبير من رأسمالها في السندات الحكومية.
وفي أسواق المال، خسر مؤشر شركات التأمين على الحياة والتأمين الصحي ما نسبته 37% خلال الأسابيع الأخيرة منذ ظهور انتشار فيروس كورونا.
وخلال الشهر الأخير، خسرت كبريات التأمين الأميركية الكثير من قيمتها، فشركة “برودنتيال” Prudential فقدت 9% من قيمة سهمها، كما خسرت شركة (AIG) “أي آي جي” 25% من أسهمها خلال الشهر نفسه.
وارتفع عدد الراغبين في التأمين على حياتهم، لكن لم يكن هذا بالشيء اليسير في الولايات المتحدة، حيث يتردد الكثير من الشركات في قبول عملاء جدد.
وتاريخيا، تزيد المحن والمصاعب التي تتعرض لها المجتمعات مثل الحروب أو الأزمات المالية من سعي الكثير من الأشخاص للحصول على بوليصة تأمين على الحياة.
وفرضت شركات التأمين على الحياة فترة انتظار مدتها شهر على الراغبين في شراء بوليصة تأمين على الحياة ممن سافروا أخيرا لبؤر انتشار الفيروس سواء في الصين وإيران أو دول أوربية.
وتوقع أستاذ المالية بجامعة تيمبل بولاية بنسلفانيا، تيم لودتيك، أن تتوقف شركات التأمين عن قبول متقدمين جدد حتى يتم إيقاف انتشار الفيروس في الولايات المتحدة.
ولا تستثني بوليصات التأمين على الحياة في الولايات المتحدة أي مرض يؤدي لوفاة العميل، باستثناء حالات الانتحار خلال أول سنتين من امتلاك الشخص لبوليصة تأمين على الحياة.
من هنا لا ينتظر أن يتم استثناء الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا من دفع قيمة بوليصة التأمين لعائلة المتوفى.
وتقليديا، تستغرق إجراءات الحصول على بوليصة تأمين على الحياة عدة أسابيع، فهناك اختبارات طبية إلزامية، إضافة لانتظار وصول السجل الطبي للمتقدم من أطبائه السابقين، والتأكد من صحة الوثائق المقدمة.
وحاليا، يرغب الكثير من العملاء في تجنب الاختبارات الطبية خلال فترة انتشار الفيروس خوفا من انتقال الفيروس إليهم سواء بذهابهم إلى عيادات الأطباء أو حضور الأطباء إلى منازلهم.
بريطانيا.. أزمة وتوجسكما هو الوضع في الولايات المتحدة، تواجه شركات التأمين في بريطانيا تراجعا في قيمة أسهمها في البورصة والذي بلغ حوالي 50% لارتفاع عدد الوفيات في البلاد بسبب أزمة فيروس كورونا، وما يعنيه من تزايد المبالغ التي على الشركات دفعها، بالإضافة إلى أن أكثر ما يخيف هذه الشركات هو استمرار تراجع أنشطة البورصة وانخفاض سعر الفائدة، ما يعني أنها ستتكبد خسائر غير مسبوقة.
ورصد موقع “أكتيف كوت” المختص في تقديم عروض التأمين المختلفة، ارتفاعا بنسبة 15% في طلبات التأمين على الحياة والتأمين على الصحة، إضافة لما دفعته شركات التأمين البريطانية للتعويض عن إلغاء السفر وتأمين الحياة والذي بلغ في أسبوعين من شهر مارس الماضي فقط حوالي عشرين مليون جنيه إسترليني (نحو 25 مليون دولار).
وتعول شركات التأمين على تراجع المطالب بالتأمين على وسائل النقل، بعد فرض الحجر الصحي، وعدم استعمال السيارات لمسافات طويلة، من أجل تغطية تزايد مطالب التعويض عن السفر أو الصحة.
وتمر شركات التأمين بوضع صعب، دفع بوكالة التصنيف الائتماني “فيتش” لتخفيض تصنيفها إلى “سلبي” بعد كان تصنيفها مع بداية انتشار الوباء “مستقرا”، وبررت الوكالة هذا القرار بسرعة انتشار الوباء وارتفاع عدد الوفيات في بريطانيا، ما يعني عددا أكبر من وثائق التأمين التي يجب دفعها.
وعلى الرغم من تأكيد وكالة “فيتش” أن شركات التأمين البريطانية تتوفر على الموارد المالية الكافية لمواجهة تراجع سوق التأمينات ومنح العملاء تأميناتهم خصوصا التأمين على الوفاة، فإن ما يقلق الوكالة هو البنية الديمغرافية في بريطانيا حيث يكثر المسنون، وهو ما قد يؤدي لعدد كبير من الوفيات.
وتحاول شركات التأمين البريطانية أن تكون أكثر انتقائية في منح عروض التأمين على الحياة، إضافة لتزايد عدد من الشكاوى من العملاء الذين وجدوا أنفسهم في حالة ضياع، خلال العديد من التفاصيل القانونية للاستفادة من تأمينهم، وهو الأمر الذي تنبهت له الهيئة المستقلة لمراقبة أعمال سوق التأمينات وطالبت شركات التأمين بأن تكون أكثر مرونة في التعامل مع العملاء.
كما دخل البنك المركزي على الخط، عندما طالب شركات التأمين بعدم توزيع أرباح سنة 2019 على المساهمين، وذلك حفاظا على السيولة لمواجهة هذه الأزمة.
وبالفعل، فقد أعلنت كبرى مجموعات التأمين تخليها عن قرار توزيع ما مجموعه 1.3 مليار جنيه إسترليني (1.6 مليار دولار) من الأرباح على المساهمين، وتأجيل العملية لنهاية العام الجاري.
فرنسا.. شركات صامدة رغم الخسائرأما في فرنسا، فلم تستعِد بعد شركات التأمين عافيتها من تداعيات وآثار أزمة حركة السترات الصفراء التي كبدتها ملايين اليوروهات العام الماضي، حتى تفجرت أزمة وباء فيروس كورونا التي ستكبدها من جديد مزيدا من الخسائر المالية على شكل تعويضات للأشخاص المتضررين والمرضى، لكن رغم هذه التعويضات فإن هذه الشركات لا تزال في حالة مالية جيدة.
وتركز أبرز الخسائر التي شهدتها شركات التأمين الفرنسية في الأسابيع الماضية في سوق البورصات في باريس، بحيث فقدت أكثر من 30% من قيمتها منذ بداية العام الجاري، بسبب تداعيات وباء كورونا.
وتضررت كبرى الشركات الفرنسية في مختلف القطاعات خصوصا تلك التي تستثمر بشكل أساسي في شركات التأمين، لأنها مرتبطة بالأسواق الأوروبية المتداعية بالأزمة ذاتها.
أعلنت الفدرالية الفرنسية لشركات التأمين أنها استجابةً لمطالب الحكومة بالمساهمة في الصندوق الوطني لمحاربة “كوفيد-19″، قررت تقديم مساعدة بقيمة مئتي مليون يورو، كما خلصت إلى أن قيمة التعويضات المادية التي ستقدمها للمتضررين بفيروس كورونا ستتجاوز ثلاثة مليارات يورو، من مجموع الميزانية المخصصة للأضرار المقدرة بقيمة خمسين مليار يورو.
كما أن شركات التأمين الفرنسية استفادت من انخفاض كبير في عدد مستعملي السيارات البالغ عددهم أربعين مليونا بعد الحجر الصحي المفروض منذ شهر في البلاد وبالتالي انعكس بشكل إيجابي عليها، فقد وفرت إحدى كبرى شركات التأمين على السيارات “لا ماييف” -بسبب انخفاض حوادث السير- نحو مئة مليون يورو.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...