“يتطلــب توســيع الطبقــة الوســطى حفــز حركيــة اجتماعية صاعــدة، هدفهــا القضــاء علــى الفقــر وتمكيــن السـاكنة ذات الدخـل المنخفـض والتـي تعانـي الهشاشـة مـن الولـوج إلـى مسـتويات معيشـية أعلـى مـن عتبـة الفقـر، وذلـك مـن أجـل بلـوغ درجـة مـن الأمان الاقتصـادي، أي التمكـن مـن تغطيـة نفقـات المعيشـة واقتنـاء السـلع الاسـتهلاكية المسـتدامة والاسـتثمار فـي الانشـطة الانتاجيـة والادخـار للمسـتقبل. ويقتضـي توسـيع الطبقــة الوســطى، بالاسترشــاد بأهــداف خطــة التنميــة المســتدامة لســنة 2030، “تخفيــض نســبة الرجــال والنسـاء والاطفـال مـن جميـع الاعمـار الذيـن يعانـون الفقـر بجميـع أبعـاده وفقًـا للتعاريـف الوطنيـة بمقـدار النصـف علـى الاقـل بحلـول نفس السنة” (هـدف التنميـة المسـتدامة رقـم 1 ،الغايـة 2.1). والنهوض بالأنشطة الاقتصادية غير الفلاحية في الوسط القروي وتنويعها، وذلك بهدف تعزيز انبثاق طبقة وسطى”.
وبعد مرور سنة على الدراسة، يرى المحلل السياسي بلال التليدي عكس ذلك تماما على أرض الواقع، إذ أفاد في تصريح لموقع الأنباء تيفي، بأن “طبقة وسطى داخل عالم قروي، هو كلام يفسر السياسات التي اعتمدت في الفلاحات بشكل خاص، وأيضا يحتاج الى كلام دقيق اقتصاديا. لأن الاحتكار الاستثماري في المجال القروي هم طبقة بورجوازية مدينية، فإذا أردنا ان نحلل طبيعة النخب التي تسثمر في المجال القروي، سنجد أنها تدفقت سابقا الى المدن الكبرى وسار لها نفوذ اقتصادي. فالعالم القروي لا يعيش أي تراتبية قروية طبقية، لأنه يتسم بتجانس كثير سمته العامة الطبقة الكادحة، التي لا تتوفر على ظروف العيش والتي تفسر الهجرة الكثيفة اليوم الى المجال الحضري”.
وأضاف المحلل السياسي، “أن السياسات الاقتصادية التي اعتمدت في المغرب، بسبب عوامل جرت ضمن سياق إقليمي ودولي وتحولات كبرى، يتعلق الأمر بتداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الاوكرانية وتداعيتها على الاقتصاد العالمي، أثرت على الطبقة الوسطى بشكل كبير. وهناك أيضا تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، يفيد على أن الطبقة الوسطى بدأت تستنفد مذخراتها في الفترة ما قبل الجائحة وكذا الحرب الحالية”.
وتابع التليدي، “اليوم الحكومة أمام وضعية تفقد فيها الخيارات التي تساعدها على ان تقوم بشيء للطبقتين الوسطى والفقيرة، فهناك تزايد في نفقات الفاتورة الطاقية والتي تكلف المغرب أموالا طائلة سواء ما يتعلق بالغاز. فتزايد نفقات صندوق المقاصة يأخر الكثير من السياسات الاجتماعية ويجعلها غير قادرة على التحقق”.
وأردف بلال التليدي كلامه، “لولا أن المغرب حقق فائضا مهما في عائدات الفوسفاط بسبب ارتفاع اسعار الاسمدة دوليا، ماكان يمكن للحكومة أن تحقق بعض التوازنات الماكرو اقتصادية. فكل الحكومات المغربية كانت تشتغل بمنطق اعادة التوازنات الماكرو اقتصادية للدولة، وما إن تأتي اللحظة لكي يعرف الاقتصاد بعض الانتعاشة، لأنه دائما يأتي التعليل أن الجانب الاجتماعي سيجد حله بعد الانتعاشة الاقتصادية، وما إن تحن اللحظة حتى تتم التحولات الاقليمية والدولية تجعل هذه الإمكانية شبه مستحيلة”.
وختم المحلل السياسي تصريحه قائلا، “لاحظوا معي أنه هناك حوار اجتماعي الآن مع الحكومة، والسيد الوزير المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، تحدث بشكل صريح للنقابات، وقال لها لا نستطيع أن ندعم فكرة الزيادة في أجور الموظفين، لأن ميزانية الدولة غير قادرة على ذلك في ظل استقرار الرواتب. فشيء طبيعي أن تتهاوى الطبقة الوسطى وتلتحق بالطبقة الفقيرة، وستغتنم الفرصة بعض الطبقات التي دائما ما تستفيد من الأزمات، تشتد الهوة بين الطبقات”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...