قال حفيظ اليونسي، المُحلل السياسي وأستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول بسطات، إن ظهور الملك محمد السادس أثناء إلقائه لخطاب افتتاح الدورة التشريعية كان “إجابة عن مجموعة من الأقلام والأخبار المغرضة، وهو رسَالة الطّمأنينة”، مؤكدا أن هناك حرص في افتتاح الدورة على “تقاليد راسخة في الممارسات المُؤسساتية للدولة، من خلال اللّباس التقليدي الرّمزي والقراءة القرآنية المغربية”.
وأضاف اليونسي، في تصريح لـ “الأنباء تيفي”، أن خطاب افتتاح الدورة التشريعية يدخل في سياق خطب العشرية الأخيرة، والتي “يغلب عليها البعد الاجرائي والعملي وتكون معززة بالأرقام”، ملفتا إلى أن ذلك “لا يتناقض مع الدستور، لأن الملك ينطلق من موقعه كرئيس الدولة، حيث إن مقتضيات الدستور تخول له التّدخل على مستوى الأمور الاستراتيجية، كالماء والاستثمار اللذين تحدث عنهما في هذا الخطاب”.
وأكد المتحدث ذاته، أن الخطاب الملكي “صريح تحدث عن بنيوية مُعضلة الماء، مع التأكيد على ضرورة التّعايش معها من خلال ابداع أفكار وطرق لمواجهة هذه الأزمة”، ملفتا إلى أن هناك برنامج أولوي للماء الذي كان يعقد الملك جلسات عمل بخصوصه، مما يؤكد “دور رئيس الدولة المحوري في تتبع المشاريع الاستراتيجية، وأن موضوع الماء لا يجب أن يكون مجالا للمزايدات السياسية، باعتبار هذا البعد الاستراتيجي والوطني”.
في جانب آخر، يقول اليونسي، إن الملك تحدّث عن الاستثمار الذي ربَطه، ليس بالزاوية الاقتصادية وفقط، بل بـ “البُعد الاجتماعي أيضا من خلال الحديث عن استثمار يخلق فرص الشغل للشباب، ويستوعب معضلة حقيقية في المغرب مرتبطة باتساع الهرم السكاني الشبابي”، مبينا أن البعد الآخر، مرتبط بالمشاريع الاجتماعية الكبرى التي أعطى الملك انطلاقتها، كالحماية الاجتماعية والتغطية الصحية وغيرها من البرامج التي تحتاج الى التمويل من خلال وجود مصادر مالية قارة لا يمكن خلقها إلا من خلال الاستثمار.
وأوضح اليونسي، أن خطاب الملك تحدث عن أربع دعامات أساسية لتعزيز البعد الاستثماري لبلادنا كي يقوم بأدواره بشكل ناجع، ويتعلق الأمر، أولا بالجانب المؤسساتي، الذي يفرض أن يكون هناك مخاطب واحد وهو المراكز الجهوية للاستثمار، باعتبارها الفاعل الأساسي في بلورة المشاريع منذ الفكرة الى مرحلة خروجها للوجود.
أما البعد الثاني، الذي تحدث عنه الملك، حسب اليونسي، فيتعلق بالقطاع الخاص، وخاصة البنوك التي يجب أن تنخرط بشكل جريء في هذا التوجه الاستثماري، وتكون مساهما في نجاحه، حيث يُفهم من خطاب اليوم أن هناك دعوة لهذا القطاع للانخراط في المشاريع الاستثمارية بكل شجاعة ومسؤولية وطنية، وبمنطق يحرك عجلة الاستثمار ويدّعم الشّباب من خلال خلق فُرص الشغل.
أما المرتكز الثالث من هذه الدعامات، فيتعلق بالجانب البيروقراطي، إذ حمّل الخطاب الملكي “نقدا صريحا للبرامج التي اعتمدت في العشرية الأخيرة من ميثاق اللاتمركز وتبسيط المساطر والرّقمنة التي لم تدخل حيز التنفيذ”، مؤكدا أنه “نقد مبطن للإدارة المغربية التي تعيق الاستثمار”، ملفتا، في جانب آخر، إلى الدّعامة الربعة، التي اعتبرها اليونسي مهمة، وتتعلق بـ “المنافسة الشريفة، حيث يجب تفعيل دور المؤسسات وتطبيق القانون من تدخل المؤسسات التي تضطلع بهذا الدور”.