فقيه برادة محمد
أحسن تقدير للفوز المغربي بالكرة هو ما قاله الإعلامي معتز مطر، حيث أعطى الفوز نكهة البسمة التي امحت من وجوه البلاد العربية منذ انقلاب 2013، وتحطمت آمال “ديمقراطية” موهومة، حطمها السيسي الذي كان إسفين تلكم الديمقراطية.
فلو لم ينقلب، ولظروف موضوعية أيضا وذاتية لا يجب أن نتغافل عنها، ما كان لأموال الخليج أن تفلح لأنها أموالٌ بدون قدرة بشرية وفنية وإبداعية كتلك التي عند مصر. فقد انقلب على الربيع كما انقلب بنو أمية على الخلافة، فغيروا التاريخ إلى الأبد. واستُنسخت طريقة حكمهم في كل بلاد المسلمين.
فلو قاومت الخلافة واحتفظت بحقها، لأسس ابن خلدون منهجا تاريخيا مبنيا على عصبية الخلافة بالنصرة والشورى، وليس على عصبية عددية ومالية وعسكرية.
فإذا كان للفوز بالكرة طعم، يجب أن نربطه بواقعنا الأليم، نستفيق ونطالب بالنصر على الريع الذي يبدد الثروات، ويتحكم في رقبة العدل، ويحول دون وصول الحقوق إلى أهلها، بِساديَة واستمتاع، وليس عن ضرورة أو أزمة. يطرب لأنين الضعفاء، ويتلذذ بفاقة الفقراء، بل لا يعتبرهم بشرا فضلا عن أن يجري في عروقهم دم من أجداد هذا الوطن الذي نحبه، ونريد أن نوارى الثرى فيه. أجيال من الأولياء والعلماء والشهداء والرجال امازيغ وعربا تصاهروا، وتناسلوا، حتى بات من يدّعي الانتماء إلى العرق الأمازيغي لا يتجاوز جدّه الثاني أو الثالث ليقول أنا قحّ، وكذلك العربي ليس له سقف أعلى من الجد الثالث ليدعي عروبته الخالصة.
هؤلاء اللاعبون مزيج مغربي، بعضهم لم يولد بالمغرب ولكنه يحب المغرب، حبا لا يفهمه المنطق. أغلب أجدادهم هجروا المغرب هروبا من الفاقة والتفقير والتهميش في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وخصوصا من شمال المغرب وبلاد الريف الشامخة بجبالها ورجالها، ومجاهديها، ولكنّ حبهم للوطن لم يهتزّ لرعشة. فلماذا لا يتوارى الريع قليلا عن الساحة ويترك الأمر لبعض من يحبون هذا الوطن دون مقابل، بدل تهميشهم وتشويههم وتخوينهم، وسجنهم.
الجندي الذي يقاتل على تخوم البلاد بأبخس الأثمان ولا يعبأ به أحد. بحاجة إلى تقدير وانحناء لأنه يتقدم إلى الموت فداء بدراهيم قليلة.
هناك جنود مجندة من العاطلين، تحتاج إلى تدبير عاقل وواع ومسؤول ينظر إلى المستقبل، التي سيعيش فيه أبناؤه وأحفاده، فأغلب الثروات تتبدد وتتنقل من يد إلى يد، اللهم ثروة واحدة تدور ضمن دائرة محدودة، لكنها بعد جيلين يُقصى منها بنو العمومة والخؤولة أما بنو بنيهم فيسقطون تماما، أي سيكونون من العامة.
فالتدبير المسؤول الذي لا يبدد خيرات البلاد، لا يجب عليه الخوف على أحفاده أو أحفاد أحفاده لأنهم وسط نظام يضمن الحقوق.
لكنّ صدق العمل يبدأ من الأوراش العملاقة التي يمنعنا من بنائها صندوقُ النقد الدولي في الاستثمار فيه وهو التعليم والصحة. فقد قال منير شفيق إن النظام العالمي مهما كان غاشما، لن يمنعك من مدّ شبكة الصرف الصحي بطريقة صحيحة، أو من الزيادة في الأجور أو من توسيع وتجديد البنى التحتية. فمهما أثقل علينا ضغط صندوق النقد الدولي وسياساته التفقيرية، يبقى لنا هامش مناورة نربط به لحمة المواطنة لتدلّ على تقدير الحقوق. فالقبضة الحديدية، لا تزيد الوطن إلا ضياعا.
فإذا لعب اللاعب الريفي والامازيغي والعربي جنبا إلى جنب لجلب فرحة، لم يعد للطائفية العرقية مكان. تبا لها ولأبواقها. وشكرا لمعتز مطر الذي ألهمني هاته الكلمات.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...