وجه جلالة الملك محمد السادس، مساء اليوم السبت، خطابا إلى الأمة بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى الرابعة والعشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين.
وتميز الخطاب الملكي لهذا العام بتشديده على الخصوص بالجدية والتفاني في العمل. كما أشاد بما حققه الشباب المغربي في كل المجالات، وما أبانوا عنه في نهائيات كأس العالم قطر2022. ووصف جلالة الملك ملف الترشيح الثلاثي لتنظيم نهائيات كأس العالم 2030، بالترشيح الغير مسبوق. كما اعتبر مشروع “إنتاج أول سيارة مغربية محلية الصنع، بكفاءات وطنية وتمويل مغربي، وكذا تقديم أول نموذج لسيارة تعمل بالهيدروجين، قام بتطويرها شاب مغربي، أنها مشاريع تؤكد النبوغ المغربي والثقة في طاقات وقدرات شبابنا، وتشجعه على المزيد من الاجتهاد والابتكار، وتعزز علامة “صنع في المغرب” وتقوي مكانة بلادنا كوجهة للاستثمار المنتج”.
الصحراء وفلسطين
وبخصوص القضية الوطنية أكد جلالته أن الجدية والمشروعية هي التي أثمرت توالي الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية؛ وآخرها اعتراف دولة إسرائيل، وفتح القنصليات بالعيون والداخلة، وتزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتيوبنفس الجدية والحزم، يضيف ملك البلاد ورئيس لجنة القدس “نؤكد موقف المغرب الراسخ، بخصوص عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية؛ بما يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة”.
وشدد الملك على ضرورة أن تكون الجدية مذهبنا في الحياة والعمل، وأن تشمل جالحياة السياسية والإدارية والقضائية: من خلال خدمة المواطن، واختيار الكفاءات المؤهلة، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين، والترفع عن المزايدات والحسابات الضيقة. وأن تشمل المجال الاجتماعي، وخاصة قطاعات الصحة والتعليم والشغل والسكن. كما أن الجدية التي نريدها، تعني أيضا الفاعلين الاقتصاديين، وقطاع الاستثمار والإنتاج والأعمال. وأكد أن الجدية كمنهج متكامل تقتضي ربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة، وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص.
من جانب آخر بسط جلالة الملك تحليلا للوضع العام القائم. وأشار جلالته في هذا الصدد إلى أن تداعيات الأزمة التي يعرفها العالم، وتوالي سنوات الجفاف، على المستوى الوطني، ساهما في ارتفاع تكاليف المعيشة، وتباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي. وأكد جلالة الملك ” لذا، وجهنا الحكومة لاتخاذ التدابير اللازمة، قصد تخفيف آثارها السلبية على الفئات الاجتماعية والقطاعات الأكثر تضررا، وضمان تزويد الأسواق بالمنتوجات الضرورية”. وأضاف الملك محمد السادس “واليوم، مع ظهور بعض بوادر التراجع التدريحي لضغوط التضخم، على المستوى العالمي، فإننا في أمس الحاجة إلى الجدية وإشاعة الثقة، واستثمار الفرص الجديدة، لتعزيز صمود وانتعاش الاقتصاد الوطني”.
الاستثمار الأخضر
وفي هذا الصدد، يضيف جلالة الملك “أطلقنا مشروع الاستثمار الأخضر للمكتب الشريف للفوسفاط، وقمنا بتسريع مسار قطاع الطاقات المتجددة”. وإثر الاجتماع الذي ترأسناه في هذا الشأن، يتابع جلالة الملك، أعدت الحكومة مشروع “عرض المغرب”، في مجال الهيدروجين الأخضر. ودعا جلالة الملك الحكومة للإسراع بتنزيله، بالجودة اللازمة، وبما يضمن تثمين المؤهلات التي تزخر بها بلادنا، والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين، في هذا المجال الواعد. واستكمالا لورش الحماية الاجتماعية، شدد جلالة الملك “ننتظر الشروع، نهاية هذا العام، كما كان مقررا، في منح التعويضات الاجتماعية، لفائدة الأسر المستهدفة”.
وعبر جلالته عن أمله في “أن يساهم هذا الدخل المباشر، في تحسين الوضع المعيشي لملايين الأسر والأطفال، الذين نحس بمعاناتهم”. كما اعتبر جلالة الملك أن هذه الخطوة، إن شاء الله، ستشكل ركيزة أساسية في نموذجنا التنموي والاجتماعي لصيانة كرامة المواطنين في كل أبعادها. من جانب آخر خصص الخطاب الملكي حيزا هاما للحديث عن مجال تدبير الموارد المائية. إذ أكد جلالته أنه يتطلب المزيد من الجدية واليقظة. وشدد “فقد حرصنا على بلورة البرنامج الوطني للماء لفترة 2020-2027”.
تحذير ملكي
ودعا جلالته “للتتبع الدقيق لكل مراحل تنفيذه، مؤكدين أننا لن نتساهل مع أي شكل من أشكال سوء الحكامة والتدبير، والاستعمال الفوضوي واللا مسؤول للماء. و في ظل ما يعرفه العالم، من اهتزاز في منظومة القيم والمرجعيات ، وتداخل العديد من الأزمات، فإننا في أشد الحاجة إلى التشبث بالجدية، بمعناها المغربي الأصيل، يقول الملك محمد السادس. وحدد جلالته المبادئ الأربعة في: -أولا : في التمسك بالقيم الدينية والوطنية، وبشعارنا الخالد: الله – الوطن – الملك؛ -ثانيا: في التشبت بالوحدة الوطنية والترابية للبلاد؛ -ثالثا: في صيانة الروابط الاجتماعية والعائلية من أجل مجتمع متضامن ومتماسك. -رابعا: في مواصلة مسارنا التنموي، من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية. إن عملنا على خدمة شعبنا، يقول جلالة الملك محمد السادس، لايقتصر فقط على القضايا الداخلية، وإنما نحرص أيضا على إقامة علاقات وطيدة مع الدول الشقيقة والصديقة، وخاصة دول الجوار. وأضاف جلالته “خلال الأشهر الأخيرة، يتساءل العديد من الناس عن العلاقات بين المغرب والجزائر؛ وهي علاقات مستقرة، نتطلع لأن تكون أفضل. وفي هذا الصدد، نؤكد مرة أخرى، لإخواننا الجزائريين، قيادة وشعبا، أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء؛ وكذا الأهمية البالغة، التي نوليها لروابط المحبة والصداقة، والتبادل والتواصل بين شعبينا. ونسأل الله تعالى أن تعود الأمور إلى طبيعتها، ويتم فـتح الحدود بين بلدينا وشعبينا، الجارين الشقيقين.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...