رهانات كبيرة وملفات ثقيلة سياسيا واقتصادية واجتماعيا، يفرضها الدخول السياسي الجديد في المغرب، بعد عطلة صيفية ألقى فيها جلالة الملك محمد السادس خطابات ملكية قوية حملت توجيهات كبرى ستؤطر عمل مختلف الفرقاء والفاعلين في الحياة السياسية المغربية خلال السنوات القليلة المقبلة.
فإذا كانت الأغلبية تتهيأ لدخول سياسي جديد في هذه الولاية التشريعية بالتركيز على حماية مكوناتها، والعمل على استكمال تفعيل أجندة البرنامج الحكومي، فإن المعارضة تتهيأ بدورها للدخول السياسي لهذه السنة، مركزة اهتماماتها بدعوة الحكومة إلى “إعمال إصلاحات اقتصادية ملموسة” و”التعجيل بالمصادقة على مجموعة من القوانين، التي كانت سببا في اندلاع العديد من الاحتجاج بين مجموعة من الفئات.
وفي هذا الصدد، قال إدريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، على أنه جرت العادة عند كل حكومات العالم أنه في كل دخول سياسي أن تستحضر أهم الأولويات عبر تقييم نتائج الفترة السابقة واستشراف ما بعدها، بناء على مؤشرات تحدد طبيعة الرهانات والانتظارات المقبلة.
وفي المقابل، يرى السنتيسي، وفق تصريح لموقع الأنباء تيفي، أن الحكومة المغربية “مع الأسف، ستجد نفسها خلال هذا الدخول السياسي تقريبا أمام نفس الرهانات والانتظارات الذي طبعت الثلاث سنوات الفارطة من عمر هذه الحكومة، إذ أن مجموعة من القضايا والملفات لازالت تراوح مكانها، بل هناك تراجعات في قضايا مجتمعية إستراتيجية، كما هو الشأن بالنسبة لقضية التشغيل مثلا الذي اعتبرته الحكومة هدفا مركزيا في برنامجها الحكومي وخصصت له اعتمادات مالية ضخمة ولاسيما في برنامج “فرصة” و”أواش” وغيرها من البرامج ذات الصلة، ولم يكن لها أي أثر على المجتمع”.
واستحضر رئيس الفريق الحركي في هذا السياق، نسبة معدل البطالة التي قال على أنها بلغت خلال الفصل الأول من سنة 2024 معدل 13,7%، وهو ما يجعل الرهان أكبر، وفق المتحدث.
واعتبر النائب، أن أحد أكبر الملفات التي ينبغي أن تعمل عليها الحكومة خلال هذه الولاية هو “التشغيل القار والمستدام، بعيدا عن الحلول الترقيعية المؤقتة والعابرة. فتوفير فرص الشغل، هو المقياس الحقيقي لنجاح أية سياسة أو فشلها، وبالتالي فإن الولاية التشريعية القادمة في سنتها الرابعة ستضع هذه المعضلة موضع مساءلة مستمرة، بدءا بمشروع قانون المالية”.
ومن هذا المنطلق، فإن الترقب الشعبي، وترقب الشباب على وجه الخصوص، سينصب بالأساس على ما سيحمله هذا المشروع لفائدة تشغيل الشباب، سواء الشباب الجامعي أو شباب ما يسمى “بـNeet” أو الشباب القروي أو غيره، يؤكد المتحدث.
وارتباطا بقانون المالية الذي سيكون أول محطة تشريعية في السنة التشريعية القادمة، يقول رئيس الفريق النيابي للحركة الشعبية “سيكون النقاش متركزا أيضا على الاجراءات التي اتخذتها الحكومة لترجمة العديد من الانتظارات عبر حلول عملية، ومن هنا تبرز أزمة مياه الشرب ومياه السقي، وتفعيل الخطاب الملكي السامي في عيد العرش المجيد، من خلال تحويل المياه وتحلية مياه البحر وبناء السدود ومحطات معالجة المياه العادمة. كما أن الفلاحة مطروحة بإلحاح، في ظل المعاناة التي يعيشها الفلاحون ومربو الماشية ومربو الدجاج، وكيف ستستمر بلادنا في الحفاظ على امنها الغدائي وضمان الاستقرار بالبادية والجبل”.
وارتباطا بهذا الموضوع، أشار النائب إلى أن تدهور القدرة الشرائية سيطرح بإلحاح، نظرا لموجة الغلاء التي اجتاحت كل المواد الاستهلاكية والخدمات.
وأمام كل هذه الانتظارات، قال المعني بالأمر على أن “الدخول البرلماني المقبل سيكون بكل تأكيد شحيحا بالنسبة لمشاريع القوانين قيد الدراسة، باستثناء مشروع قانون المالية، وربما مشروع القانون المعدل للقانون التنظيمي لقانون المالية، الذي وعدت به الحكومة ومشروع القانون التنظيمي للإضراب الذي تم تقديمه ومناقشته العامة بلجنة القطاعات الاجتماعية في الدورة السابقة، إضافة إلى مشروع قانون المسطرة المدنية المثير للجدل، والمحال حاليا على مجلس المستشارين. كما نترقب أيضا أن يكون المشروع المعدل لمدونة الاسرة في قلب الدراسة والمناقشة، بعد استكمال مسطرة الإحالة على المؤسسة التشريعية”.
مشيرا إلى أن موضوع التعليم والتكوين بصفة عامة، سيكون في مقدمة أجندة البرلمان خلال الدخول المقبل. وفي هذا الصدد، قال “نحن كفريق حركي تقدمنا بطلب للجنة التعليم، من أجل تدارس مستجدات الدخول الدراسي الحالي من جهة، ومستجدات الدخول الجامعي من جهة أخرى، وغايتنا هي فتح نقاش جماعي كفيل بتفادي أي انقطاع أو هدر، وأيضا وضع حد لفتيل الاحتقان الذي عرفه قطاع التعليم العالي، وخاصة أزمة كليات الطب والصيدلة”.
كما أشار إلى أن “موضوع الحماية الاجتماعية سيظل دائما ورشا مفتوحا من خلال تنزيل القانون الإطار رقم 09.21، لاسيما أنه حدد سنة 2025 كموعد لتوسيع الانخراط في أنظمة التقاعد وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل”.
مؤكدا على أن الحركة الشعبية كفريق للمعارضة المسؤولة والمواطنة، ستعمل على طرح كل القضايا التي تهم المواطنون بمختلف فئاتهم وأصنافهم: الاطفال، الشباب، المتقاعدون، النساء، الطبقة الفقيرة، الطبقة المتوسطة، الموظفون، المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة الاجراء، الفلاحون، التجار، الصناع التقليديون وغيرهم من المهنيين، ليس، من منطلق الانتقاد، بل انطلاقا من تقديم مقترحات وبدائل أيضا.
واختتم السنتيسي تصريحه بالتأكيد على أن كل أمل فريق الحركة الشعبية، هو “أن تتواضع الحكومة وترهف السمع لنا، وتتفاعل مع اقتراحاتنا، التي تروم هدفا واحدا الا وهو المصلحة العليا للبلاد”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...