من بين ما حمله قانون مالية 2025، فرض ضرائب على صناع المحتوى، ابتداء من يناير المقبل، وهو مطلب كثيرين، في ظل الميوعة التي تسيطر على المشهد، في وقت تتباين مواقف المعنيين بين رافضين ومؤيدين.
وبحسب الصيغة التي جاءت في قانون المالية، فإن المادتين 22 و70 المكررة، أشارت إلى أن هذا التدبير الجديد يهدف إلى “إخضاع بعض دخول الأشخاص الذاتيين التي لا تندرج ضمن أي صنف من الأصناف الخمسة للدخول والأرباح الخاضعة حاليا للضريبة على الدخل المشار إليها في المادة 22 من المدونة العامة للضرائب، وذلك من أجل تحقيق مبدأ العدالة الجبائية المنصوص عليها في الدستور وضمان تحمل التكاليف العمومية من طرف جميع المواطنين.
وتُحدد المادة 22 من المدونة هذه الضرائب في “الدخول المهنية” و”الدخول الناتجة عن المستغلات الفلاحية”، و”الأجور والدخول المعتبرة في حكمها” و”الدخول والأرباح العقارية” و”الدخول والأرباح الناتجة عن رؤوس الأموال المنقولة”. والآن تنضاف إليها دخول الأشخاص الذاتيين، ضمنهم صُناع المحتوى.
كيف حدد قانون المالية هذه العائدات؟
يُعرف القانون هذه العائدات، بأنها تلك “الدخول التي تم تقييمها في إطار مسطرة فحص مجموع الوضعية الضريبية للأشخاص الذاتيين، والتي لم يبرر مصدرها”.
وأشار إلى أن هذه الدخول، تم نقلها من صنف الدخول المهنية إلى صنف الدخول والمكاسب الأخرى لأن مصدرها غير مبرر للإدارة.
وعرّفها أيضا، بأنها تلك المكاسب المختلفة المتأتية عن عمليات هادفة للحصول على ربح والتي لا ترتبط بصنف آخر من الدخول.
وقد أدرج مع هذه الدخول تلك المكاسب التي يتم جنيها من ألعاب الحظ النقدية أو العينية، غير أن الضريبة المتعلقة بها لن تدخل حيز التنفيذ إلا في يوليوز المقبل، في حين أن دخول صناع المحتوى تبدأ في يناير المقبل.
كيف سيتم الاقتطاع؟
اقترح القانون، أن تُخضع هذه المكاسب للضريبة عن طريق الحجز في المنبع بنسبة 30 في المائة، كما هو الشأن بالنسبة للمكاسب المتأتية من ألعاب الحظ.
وقد تم تحيين المادة 78 من مدونة الضرائب، التي تنص على إلزامية الإقرار بالهوية الضريبية بالنسبة للخاضعين للضريبة على الدخل، لتشمل أيضا صنف “الدخول والمكاسب الأخرى”. إذ يتعين، كما تنص المادة، على أن يسلم المعني الإقرار الضريبي لمفتش الضرائب التابع له موطنه الضريبي مقابل وصل، خلال 30 يوما الموالية لتاريخ بداية نشاطه أو لتاريخ حصوله على دخل من الدخول، وإلا فإن المعني يؤدي غرامة 500 درهم عند التأخر في التصريح.
كما نصّ القانون على المادة 186 من مدونة الضرائب التي تشير إلى فرض جزاءات بنسبة 20 في المائة في حالة تصحيح أساس الضريبة.
يرى رشيد ساري، الخبير الاقتصادي والمحاسباتي، أن عملية تضريب عائدات صناع المحتوى تأخرت كثيرا على اعتبار أن المجال الرقمي عموما والمجال المرتبط بشبكة التواصل الاجتماع يدر كثيرا من العائدات، مضيفا أن كل دولار يُستثمر في الذكاء الاصطناعي يُحقق أزيد من 8 دولارات.
واعتبر رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، في تصريحه لـ”الأنباء تيفي”، أن العائدات ستتوجه نحو الحسابات البنكية، مما يسهل على الدولة تتبعها من خلال التنسيق بين بنك المغرب والبنوك المغربية ومديرية الضرائب.
وقال إن “الأمر لا يحتاج لمجهود كبير، على اعتبار أن المنظومة البنكية والنقدية في المغرب التي يؤطرها بنك المغرب جد متطورة، وأن العملية ستؤدي إلى تقنين المجال، لأن هناك محتويات لا معنى لها وتافهة، وبهذا التضريب سيتم القضاء على علاقةٍ تشبه العلاقة التي بين القطاع المهيكل غير المهيكل.
أما أحمد المفيد، الخبير المحاسباتي والمستشار الضريبي، فيرى أن العملية، وإن أثارت جدلا كبيرا منذ سنتين بعد تأكيد الحكومة أنها متوجهة نحو التضريب، فهي ستحقق في نظره “عدالة ضريبية” لأن عائدات المحتويات الرقمية لم تكن يوما تحت الرقابة الضريبية لأنها معاملات غير مادية، في وقت لا يمكن الحكم على أن كل المحتويات الرقمية ذات فائدة وتنفع، بل فيها من تصنع التفاهة وبها تجني الأموال، بحسب تعبيره.
ويتفق، في تصريح لـ”الأنباء تيفي”، على أن التضريب سيخلق عائدات ضريبية جديدة ومهمة بالنسبة للدولة، في إطار الإصلاح الجبائي المنشود.
ولفت إلى أن تطبيق الأمر بشكل أمثل يظل، في نظره، حبيسا بمذكرة من وزارة الاقتصاد والمالية، تُحدد فيها كيفيات العمل، وأن تفتح نقاشا مع المعنيين ليعرفوا حقوقهم وواجباتهم، ومع السلطات المالية والضريبية لوضع آليات رقابية محكمة لأن العملية لن تسلم من ممارسات ومحاولات للتهرب من الضريبة قد تجعل عددا منهم يتوجهون.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...