كشفت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عن توجه جديد لإعادة هيكلة منظومة الإقامات الجامعية، عبر شراكات مع القطاعين العام والخاص، بهدف تجاوز الإشكالات المزمنة التي تعرفها الأحياء الجامعية، خاصة في ما يتعلق بالإيواء والإطعام.
وأوضح الوزير عز الدين ميداوي، خلال جلسة مناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية بمجلس النواب أن وزارته تدرس صيغتين بديلتين لتدبير الأحياء الجامعية، إحداهما تعتمد على شراكة “عام-عام” من خلال صندوق الإيداع والتدبير، فيما تقوم الثانية على شراكة بين القطاعين العام والخاص، تُنجز بموجب دفاتر تحملات دقيقة.
وقال الوزير، إن أحد أبرز ملامح هذه الخطة هو تكفل المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية بجزء من تكاليف الإقامة لفائدة الطلبة القادمين من أسر معوزة، مع منح تسهيلات للقطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال، من خلال تعبئة العقار وتقديم تحفيزات ضريبية.
وأشار إلى أن مشاورات جارية مع وزارة المالية والفاعلين الخواص لإرساء نموذج جديد للتدبير، يمكن من خلاله لهؤلاء الشركاء الاستفادة من جزء من ميزانية التسيير التي تخصصها الوزارة، دون المساس بمساهمات الطلبة.
وفي ما يتعلق بالصيغة الأخرى، أبرز ميداوي أن صندوق الإيداع والتدبير يمكن أن يتولى مهمة بناء الأحياء الجامعية وتدبيرها لاحقاً، دون أي زيادة في التكلفة التي يدفعها الطالب حالياً، مع التعويل على تقليص مدة إنجاز الأحياء من ثماني سنوات إلى ثلاث، بفضل خبرة الصندوق وشبكة شركائه.
الوزير لم يُخفِ حجم التحديات التي تواجه القطاع، قائلاً: “نحن أمام معادلة معقدة: أعداد الطلبة في تزايد مستمر، بينما وتيرة بناء الأحياء ضعيفة، رغم كثرة المشاريع”.
وفي رده على ملاحظات البرلمانيين بشأن وجود “زبونية” و”انتقائية” في خدمات الإيواء والإطعام، دعا ميداوي إلى تشكيل لجنة استطلاعية لتقصي الحقائق، مؤكداً أنه يتحمل المسؤولية الكاملة إذا ثبت وجود تجاوزات في هذا الشأن.
كما أقر الوزير بوجود اختلالات بنيوية في نمط تدبير الأحياء الجامعية، منها تفاوت التوزيع الترابي، ومحدودية الموارد البشرية، إلى جانب غياب آليات تمويل مبتكرة، مما يفرض، برأيه، ضرورة الخروج من الاعتماد الحصري على الميزانية العامة.
وكمثال على التعثرات، أشار الوزير إلى حي السويسي 1 بالرباط، الذي لم تُحل مشاكله العالقة منذ سنة 2014، لافتاً إلى أن بعض الأحياء لا تكتمل أشغال بنائها، أو تواجه عراقيل قانونية وإدارية تعطل استغلالها.
وفي سؤال موجه إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، قال فريق التقدم والاشتراكية إن المهمة الاستطلاعية وقفت على واقع يبرهن على أن الأحياء الجامعية تعيشُ عددا من الاختلالات والنقائص المتعلقة بالتدبير وبجودة الخدمات، علاوة عن كونها غير كافية، وتتعرض إلى ضغط كبير، وإلى الاكتظاظ المفرط.
وشدد على أنه يتوجب إعادة النظر في الإطار القانوني وفي وظائف المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية.
كما تقتضي وضعية الخصاص الكبير الانفتاح على عدة حلول ممكنة، من أبرزها ما يجب أن توفره الشراكةُ ما بين القطاع الخصوصي، من جهة، وما بين القطاعات والهيئات العمومية الأخرى المعنية (السكنى والتعمير؛ الداخلية؛ مجالس الجهات ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجماعات)، من جهة ثانية، وكل ذلك بغاية توسيع شبكة السكن الجامعي للاستجابة لمعظم الطلبات والحاجيات المسجلة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...