تشير الأرقام إلى أن النساء القرويات في المغرب يساهمن بأكثر من 80 في المئة من الإنتاج الغذائي الأسري، وهو رقم يكشف عن الدور الأساسي الذي تلعبه النساء في ضمان الأمن الغذائي المحلي.
ورغم هذه المساهمة المحورية، فإن النساء، خاصة في العالم القروي، مازلن من أكثر الفئات تهميشا عندما يتعلق الأمر بالولوج إلى الموارد الطبيعية، والحصول على الحماية خلال الأزمات المناخية، والاستفادة من السياسات العمومية ذات الطابع البيئي.
هذا التناقض بين الدور الحيوي الذي تضطلع به النساء ومحدودية تمكينهن، شكل نقطة ارتكاز في كلمة وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة بنيحيى، اليوم الخميس، خلال إطلاق مشروع العدالة المناخية وحقوق النساء.
الوزيرة عبّرت عن قلقها من الواقع الذي يفرض على النساء في فترات الجفاف والنزوح تحديات إضافية، من بينها انقطاع الفتيات عن الدراسة للبحث عن الماء، وتزايد أعباء الرعاية والعمل غير المؤدى عنه، وارتفاع حالات الزواج المبكر والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ناهيك عن تدهور في خدمات الصحة الإنجابية وغياب الرعاية الصحية الأساسية.
ولفتت الوزيرة إلى أن المغرب ليس بمنأى عن هذه التحديات، فقد شهدت مناطق الجنوب الشرقي فيضانات مدمرة، بينما تعاني أقاليم أخرى مثل زاكورة من خصاص مزمن في الماء الصالح للشرب.
كل هذه المظاهر تضعنا، وفق تعبيرها، أمام واقع يتطلب تدخلا عاجلا يعيد الاعتبار لمبدأ العدالة المناخية باعتباره مدخلا أساسيا لتحقيق المساواة بين النساء والرجال، ليس فقط في الحقوق، بل أيضا في فرص الولوج إلى المعلومة، والموارد، واتخاذ القرار.
وأكدت بنيحيى أن المشروع الجديد لا يقتصر على توصيف الواقع، بل يسعى إلى تغييره من خلال تمكين النساء الفاعلات، سواء أكنّ منتخبات، أو ناشطات في المجتمع المدني، أو نساء منتجات.
كما يهدف المشروع إلى رفع الوعي بأثر التغيرات المناخية على حقوق النساء، وتعزيز حضور النساء في مواقع القرار البيئي، خاصة على المستوى الترابي، مع دعم مبادرات محلية مبتكرة تقودها النساء، والعمل على إبراز نخب نسائية فاعلة ومؤثرة في الحكامة الترابية.
وأوضحت الوزيرة، أن التجارب أثبتت أن النساء لا يواجهن فقط آثار الكوارث البيئية، بل يقدمن أيضًا حلولًا واقعية وفعالة، ما يجعل من إشراكهن في السياسات البيئية ليس فقط ضرورة إنسانية، بل خيارا استراتيجيا لضمان نجاعة السياسات العمومية في مواجهة التحديات المناخية.
وشددت على أن مواجهة الأزمات البيئية لا يمكن أن تكون فعالة من دون اعتماد منطق العدالة في توزيع الوسائل الوقائية والحمائية، وتوفير المعلومات والتمويل، والاعتراف بالفوارق المجالية والاجتماعية، وهو ما يتطلب مقاربة شاملة تراعي هذه التفاوتات.
واختتمت الوزيرة كلمتها بالتأكيد على أن اللحظة الحالية تفرض على جميع الفاعلين، مؤسساتيين ومدنيين وإعلاميين، التحرك بشكل جماعي للانتقال من منطق رد الفعل إلى منطق الوقاية والاستباق، ومن سياسات تضع النساء على الهامش إلى سياسات تنصت إليهن، وتمكّنهن، وتفتح أمامهن المجال للمشاركة في القيادة والتأثير.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...