في خطوة تهدف إلى إنقاذ قطاع تربية المواشي من تداعيات الجفاف وتراكم الديون، أعلنت الحكومة عن حزمة من الإجراءات لدعم الكسابة، تشمل إجراءات مالية وتحفيزية لتخفيف الأعباء الاقتصادية وتحقيق الاستقرار في القطاع الفلاحي.
ويأتي هذا البرنامج في سياق ما وصفه المهنيون بـ”الانفراج الكبير” بعد أشهر من الضغوط الاقتصادية التي طالت المربين، بسبب ارتفاع كلفة الأعلاف وتراجع الموارد المائية، وهو ما أثر سلبا على القدرة الإنتاجية لمربي الماشية وأدى إلى تفاقم مديونياتهم.
تخفيضات كبيرة على الديون وجدولتها
أبرز ما جاء في البرنامج هو إعادة هيكلة الديون المتراكمة، حيث قررت الحكومة إلغاء 50% من الديون (رأسمال وفوائد) التي لا تتجاوز 100.000 درهم، وهو الإجراء الذي سيشمل نحو 75% من مربي الماشية المستفيدين من القروض، وتخفيض 25% من الديون التي تتراوح بين 100.000 و200.000 درهم.
كما سيتم إعادة جدولة الديون المتبقية بشروط ميسّرة، تتيح للمستفيدين تسديد الأقساط على فترات أطول وبفوائد تفضيلية.
دعم مالي مباشر لتعزيز القطيع
في خطوة غير مسبوقة، أعلنت وزارة الفلاحة عن صرف دعم مباشر بقيمة 400 درهم لكل أنثى من الماشية، وهو ما سيمكن الكسابة من الحفاظ على القطيع وتغطية جزء من التكاليف التشغيلية، خاصة المرتبطة بالتغذية والرعاية الصحية.
وشمل البرنامج أيضا إقرار آلية أسبوعية لمراقبة أسعار الأعلاف والمنتجات الحيوانية، مع التزام حكومي بتوفير دعم خاص لتكاليف الأعلاف المركبة، سعياً إلى خفض كلفة الإنتاج وضمان استقرار الأسعار في الأسواق.
ترحيب واسع من المهنيين
لقيت هذه الإجراءات ترحيبا كبيرا من قبل المهنيين والمشتغلين في القطاع.
وأكد محمد بوسلهام، خبير ومستشار فلاحي معتمد، أن الكسابة اعتبروها بداية فعلية لمرحلة جديدة تعكس اهتمام الحكومة بالعنصر البشري في المجال القروي، وتعزز صمود الفلاحين أمام التقلبات المناخية والأزمات الاقتصادية.
هل يكفي الدعم الحكومي لإعادة تشكيل القطيع الوطني؟ أجاب بوسلهام في تصريحه للأنباء تيفي بأن إلغاء جزء من الديون وإعادة جدولتها يمنح الكسابة هامش تنفس ضروريا في هذه المرحلة الحرجة.
وأكد أن الكثيرين منهم كانوا مهددين بالإفلاس أو بالتخلي عن أنشطتهم، وبالتالي هذا الإجراء سيمنحهم فرصة للاستمرار. كما أن الدعم المباشر لكل أنثى ماشية (400 درهم) هو خطوة عملية لتشجيع الحفاظ على القطيع الحالي.
ويرى أن الحفاظ على القطيع الوطني يتطلب استثمارات جديدة في اقتناء سلالات محسنة، وتحسين ظروف التغذية والرعاية الصحية، وإصلاح البنية التحتية للرعي، خاصة في المناطق المتضررة من التصحر.
من جهته، قال محمد الفاطمي، الخبير الفلاحي ومربي ماشية في منطقة الغرب، إن هناك حاجة إلى دعم طويل الأمد، وليس فقط حزمة ظرفية، إضافة إلى مواكبة تقنية وتأطير بيطري مستمر.
وشدد في تصريحه على وجود تحدي توفير الأعلاف والماء، قائلا إن نجاح أي سياسة دعم يمر عبر خفض كلفة الأعلاف، وربط الكسابة بمصادر مائية مستدامة.
وأبرز أن البرنامج الحالي يشكّل بداية مهمة لإنعاش القطاع، لكنه يجب أن يكون جزءا من استراتيجية وطنية متكاملة لإعادة هيكلة تربية الماشية، وربطها بالعدالة المجالية، والاستدامة البيئية، والسيادة الغذائية.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...