ناقشت منظمة نساء حزب الأصالة والمعاصرة، خلال دورتها الثالثة للمجلس الوطني المنعقدة السبت، قضايا جوهرية تهم التمكين السياسي والاقتصادي للنساء، وتحديات تعديل مدونة الأسرة، وموقع المرأة في صلب المشروع الحداثي الديمقراطي.
اللقاء، الذي تميز بحضور وزراء وقيادات حزبية، جرى في أجواء سياسية مشبعة بالتساؤلات حول نجاعة السياسات العمومية في تحقيق العدالة النوعية.
وافتتحت أشغال اللقاء بكلمة ألقتها فاطمة السعدي باسم القيادة الجماعية للحزب، شددت فيها على أن قضية النساء بالمغرب بلغت اليوم مرحلة جديدة تتجاوز المعركة التشريعية نحو معركة الممارسة والواقع، داعية إلى تجاوز الخطاب التقليدي وتبني مسار نضالي متجذر في المجتمع قادر على إحداث تحول فعلي في تمثيلية النساء ومكانتهن داخل المؤسسات.
وأوضحت السعدي، أن مرور ثلاثة عقود على إعلان بكين العالمي لحقوق المرأة يشكل فرصة لمساءلة الحصيلة السياسية والتشريعية للبلاد، مؤكدة الحاجة الماسة إلى خطة استراتيجية تدمج قضايا النساء في عمق السياسات التنموية، وتتجاوز منطق “الكوطا” التي لا تُفضي – على حد تعبيرها – إلى تمكين فعلي ولا تحقق ولوجا حقيقي لمراكز القرار.
وشددت المتحدثة على أن وجود النساء في الفضاء العام لا يجب أن يكون مجرد استجابة ظرفية لتعديلات قانونية، بل ثمرة مشروع واضح المعالم، قادر على فرض تأثير حقيقي في السياسات العمومية. وأضافت: “لسنا بحاجة لمقاعد رمزية بل لرهانات حقيقية تعكس طموحاتنا في قيادة القرار السياسي”.
وأكدت السعدي في السياق ذاته، أن رهان تعديل مدونة الأسرة يجب أن يكون شاملاً ويلتقط انتظارات الحركة النسائية بمختلف أطيافها، منتقدة استمرار بعض الأصوات داخل الساحة النسائية في الدفاع عن ممارسات اعتبرتها “مستفزة”، على غرار تزويج القاصرات، معتبرة أن هذا الطرح ينسف ما تحقق من مكتسبات ويسيء للنضال النسائي.
من جهتها، شددت قلوب فيطح، رئيسة منظمة نساء الأصالة والمعاصرة، على أن اهتمام الحزب بالمرأة لا يندرج ضمن شعارات انتخابية عابرة، بل يعكس التزاما سياسيا راسخا. وأعلنت أن الحزب يستعد بقوة لخوض غمار الانتخابات المقبلة بطموح واضح لتمكين النساء من مناصب قيادية، في إشارة صريحة إلى دعم فاطمة الزهراء المنصوري لترأس الحكومة المقبلة.
وأبرزت فيطح أن النساء المغربيات حققن مكتسبات مهمة خلال السنوات الأخيرة، منها قوانين مكافحة العنف ضد النساء وتجريم العنف الرقمي، لكنها شددت على أن هذه القوانين تحتاج إلى تحيين وتفعيل أكثر عدلا، خاصة في ما يخص الاعتراف بحقوق العاملات المنزليات وضمان حمايتهن الاجتماعية.
في مداخلة أخرى، أعربت زهور الوهابي، نائبة رئيسة المجلس الوطني، عن قلقها إزاء استمرار ضعف التمكين السياسي للنساء، رغم إدماج مقاربة النوع في بعض السياسات العمومية، معتبرة أن المشاركة النسائية ما زالت موسمية، وتحتاج إلى إعادة هيكلة عميقة تضمن إشراك النساء في مختلف المستويات المحلية والجهوية.
ودعت الوهابي إلى بناء خطة مؤسساتية دائمة تنطلق من تقوية الهياكل الداخلية للحزب وتكريس مشاركة فعلية للنساء في اتخاذ القرار، مع ربط المركز بالجهات لتفادي الفجوات التنظيمية.
وتميز اللقاء بتوقيع اتفاقية شراكة بين منظمة النساء وأكاديمية الحزب، في خطوة تهدف إلى تأهيل الكفاءات النسائية ورفع منسوب الفعل السياسي والمجتمعي لدى مناضلات الحزب. كما عرف الحدث حضورا بارزا لعدد من الوزراء وعضوات الحكومة، من بينهم محمد المهدي بنسعيد، وليلى بنعلي، وأمل الفلاح السغروشني، إلى جانب شخصيات سياسية أخرى.
واختتمت الدورة برسالة واضحة: التمكين النسائي لن يتحقق بالشعارات، بل يتطلب تغييرا ثقافيا، وخططا مؤسساتية، ورؤية قيادية تتجاوز المحاصصة نحو الشراكة في صناعة القرار.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...