أبرز أندري آزولاي، مستشار الملك محمد السادس، أمام مجلس الشيوخ البلجيكي تفرد اليهودية المغربية وصمودها، من خلال تاريخ يمتد لثلاثة آلاف سنة. وقال في محاضرة حول “غنى التنوع الثقافي بالمغرب” إن اليهودية المغربية “تغذت وتشكلت عبر الزمن بقربها وعلاقتها الحميمية، التي نادرا ما تم إنكارها، مع الحضارة الأمازيغية والعربية الإسلامية”.
وقال أزولاي أمام حضور وازن من الدبلوماسيين المعتمدين ببروكسل، في سياق استرجاعه لأبرز فصول قصة تعايش اليهود والمسلمين بالمغرب، “رغم الأحداث الدولية التي كانت تتجه إلى دفع المسلمين واليهود بالمغرب إلى أن يولوا ظهورهم إلى بعضهم، وإلى ثقافة الانغلاق الهوياتي الذي ليس له حدود ولا جواز سفر، إلا أنهم اختاروا الصمود أمام فقدان الذاكرة، من خلال إعادة تملكهم لتاريخهم المشترك، مع بنائهم، مهما كانت الظروف، لذاكرة مشتركة أصبحت أساس مصيرهم وهويتهم المعاصرة”. وأوضح المستشار الملكي أن هذا الواقع الذي نشأ مع مرور الزمن، “قوي بريادة ملوكنا من خلال إرادة واستمرارية، علينا تدوينها في سجل العظماء وعالمية المواطنة”، داعيا الحضور” إلى عدم نسيان الدور التاريخي لجلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، والزخم غير المسبوق الذي أعطاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي طبع ديباجة الدستور، الذي صوت عليه الشعب المغربي في يوليوز 2011، والذي يؤكد على مكانة الحضارات الأمازيغية، واليهودية والعربية الإسلامية في تاريخ وهوية المغرب “. هذه المكتسبات، يقول آزولاي، “هي ثمرة لخطاب الحقيقة الذي هو خطابنا، والذي يتحدث بنفس الصرامة، عن الصفحات السعيدة وكذا الصعبة التي تعرفها جميع الحضارات الكبرى”. كما أنها مكتسبات “تعبر أيضا عن إجماع وطني أخذ يتسع بشكل منتظم، والذي سيصبح غير قابل للجدل عندما ستتسلم التربية المشعل وتجعل من غنى هذا التنوع أولوية في برامجها”.
ودعا أزولاي، في هذا الصدد، إلى التقدير الصحيح للرسالة التي بعث بها الملك محمد السادس إلى المنتدى الذي نظمته اليونيسكو، في شتنبر الماضي، بنيويورك، والتي تؤكد على أن مقاومة معاداة السامية والخوف من الإسلام تمر من خلال كلمة واحدة، وسلاح واحد، التربية.
وفي افتتاح هذه المحاضرة، أشاد سفير المغرب ببلجيكا محمد عامر والدوقية الكبرى للوكسمبورغ، بالحضور المكثف لفاعلين سياسيين، ودبلوماسيين، وباحثين، وشخصيات من آفاق مختلفة، مؤكدا على أن هذه المحاضرة تروم تحقيق هدفين. يتعلق الأول بالتعبير عن “رفضنا واستنكارنا لخطابات وأعمال الإقصاء، والحقد والانغلاق الهوياتي الذي ينتشر عبر العالم، مخلفا خسائر ومآسي لا تحصى، والهدف الثاني يتجلى في تذكير الأجيال الجديدة والشباب في نفس الوقت بتاريخ غني في مجال العيش المشترك والعبر، والذي يبقى دائما غير معروف”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...