الرباط 28/10/2020م عبد العالي بن مبارك بطل
قال الله تعالي في كتابة المبين سورة الفتح آية 9 ” لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ” كما قال تعالي في سورة الأعراف آية 157 ” فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ”
إن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، وإجلاله، وتوقيره، وتعزيزه شعبة عظيمة من شعب الإيمان وسبل الفلاح، لذا فمن حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وكذلك جميع الأمم والديانات السماوية بما انه خاتم النبيين ومرسل للعالمين وجميع الديانات أن يهاب ويعظم ويوقر ويعزز ويحترم . فالله سبحانه وتعالي لما خاطب الأنبياء خاطبهم بأسمائهم” وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ” البقرة آية 35 ” قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ “البقرة آية 33 ” يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ” هود آية 46 ” يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ” هود آية 76 ” يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ “الأعراف آية 144 ” يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ” ص 26 ” يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ”المائدة آية 110 بينما خص نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالمخاطبة بما يليق به، فنهى أن يقولوا: يا محمد, أو يا أحمد، أو يا أبا القاسم، ولكن يقولوا: يا رسول الله، يا نبي الله, وكيف لا يخاطبه الناس جميعهم بذلك، والله سبحانه أكرمه في مخاطبته إياه بما لم يكرم به أحداً من الأنبياء، فلم يدعه باسمه في القرآن قط، بل يقول” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا “الأحزاب آية 28 ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً “الأحزاب آية 45 ” يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ “المائدة آية 67، وأما إذا كنا في مقام الإخبار عنه قلنا: محمد رسول الله وخاتم النبيين، فنخبر عنه باسمه كما أخبر الله سبحانه لما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم” مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ “الأحزاب آية 40 .
فالإساءة للأنبياء والرسل هي تعبير عن حقد دفين وبغض عميق وعدم نضج كامل، وسبيل للشهرة والمجد الزائف للفاشلين أو المتعثرين أو ممن يعانون أزمات نفسية. فلا يمكن لمسلم ولا لغير مسلم (مسيحي أو يهودي أو أي ديانة أخرى كانت)، صحيح النفس، أن يقبل الإساءة لدينه ولا إهانة لنبيه، ولا يصح لأي أحد أن يطعن في العبادات و الأنبياء بدعوى حرية التعبير، ولا يصح الاحتجاج بحرية التعبير كأساس لتبرير هذه الأفعال المنافية للدين والقانون، فليس هناك حرية تعبير مطلقة، أو بغير سقف في الدنيا كلها، وثمة قوانين تعاقب على جرائم النشر والتصريح في أكثر الديمقراطيات تقدما. فالاعتداء على المقدسات الدينية لا يندرج تحت مسمى الحرية، بل هو وجه من وجوه الاعتداء على حقوق الإنسان بالاعتداء على مقدساته. لأن “الحرية تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين ومعتقداتهم”. ومنذ قرن من الزمان شاعت عند الغربيين العديد من الفقهاء والكتاب والفلاسفة منهم على سبيل المثال الفقيه الفرنسي “Charles louis de secondat” المعروف بمونتيسكيو “Montesquieu” الذي قال ” الحرية هي ما سيسمح به القانون”. لهذا نجد بأن المشرع والدول سنت قوانين وضعية لتكفل عدم المساس ببعض تلك الحريات البديهية، وإن أدى الأمر إلى منع الحرية عن طريق الحبس لأولئك العابثين بالحريات.
فاحترام الإسلام وجميع الديانات و الأنبياء والرسل قضية محل اتفاق، لذلك يمكن تفعيل الاستفادة من القوانين لاقرارها وعقاب من يخالفها. وفي هذا الصدد، نجد أن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، في حكم تاريخي، قضت بتجريم الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لتؤيد بذلك أحكام قضائية سابقة لمحاكم متنوعة. لذا جاءت حتمية الوقت الراهن لدعوة الجهات الرسمية وغير الرسمية إلى عدم تأجيج مشاعر الاستياء وإلى التحلي بالفطنة وبروح احترام الآخر، كشرط أساسي للعيش المشترك والحوار الهادئ والبناء بين الأديان والشعوب. كما وجب علينا حسب رأيي الشخصي فرض وتوحيد قانون دولي عالمي موحد يقضي بمنع ومعاقبة من خولت له نفسه قذف أو سب او الإساءة بأي شكل من الأشكال، الذات الإلهية والأنبياء والرسل والازدراء بالأديان مهما كانت الوسائل المستعملة في ذلك وجعلها خطا احمر للحيلولة دون انتشار التفرقة بين الأديان السماوية والشعوب وتأجيج مشاعر الكراهية. ولهذا أقول بان “حرية التعبير هي أولا حب الإنسان لأخيه الإنسان ما يحبه لنفسه من خير مع فهم أطروحته دون تعصب ومبالغة “
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...