أكد إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على أن تعامل الحكومة مع الأزمات المتعددة التي يعرفها الاقتصاد المغربي، تميز بتدخل مباشر جزئي ومحدود، هدفه بالأساس الحفاظ على استقرار الأسعار فيما يتعلق بالمواد الأساسية المدرجة في إطار صندوق المقاصة، من خلال مضاعفة المخصصات المالية لهذا الصندوق ورفعها من 16 مليار درهم إلى 32 مليار درهم سنة 2022، وعبر تقديم دعم مباشر لمهنيي النقل للحفاظ على استقرار أسعار النقل في ظل أزمة الطاقة العالمية، بالإضافة إلى التدخل الحكومي الجزئي الذي هم مهنيي قطاع السياحة لتجاوز تبعات أزمة كورونا، كما تعول الحكومة على بعض الإجراءات الضريبية الجديدة التي أقحمتها في قانون المالية 2023 لمحاولة استعادة بعض الهوامش المالية، لتمويل بعض البرامج الحكومية، خاصة المتعلقة بالحماية الاجتماعية.
وأوضح إدريس لشكر، اليوم السبت في أشغال المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الأساس القوي للأزمة الاقتصادية التي يعاني منها المغرب، تأخذ ملامح وبصمات دولية، نظرا لعدة اعتبارات جيوسياسية واقتصادية تطال تبعاتها كافة دول العالم، لكن، وفق لشكر، هذا لا يعني أنه ليس هناك عدة عوامل داخلية زادت من استفحال هذه الأزمة، في ظل غياب أي تعامل جدي وحازم معها من طرف الحكومة، فممارسات المضاربة والاحتكار والاغتناء من الأزمة لم تعد ممارسات خفية بل أصبحت ظاهرة للعيان وأصبحت موضوع تقارير مؤسسات الدولة، وموضوع اعتراف من طرف الحكومة نفسها، التي يقر وزراءها في مختلف خرجاتهم بوجودها وبدوها في موجة غلاء الأسعار التي تطال الشعب المغربي.
وأشار إدريس لشكر إلى أن المجال الاقتصادي المغربي يحتاج إلى مجموعة من الإصلاحات الهيكلية المتواصلة، التي تمكنه من الخروج من الأزمة، وتحقيق الطموحات والرهانات التي رفعها المغرب، باعتباره قوة إقليمية تسعى إلى تكريس ريادتها وتفوقها في مجالها الإقليمي والقاري، مضيفا في هذا الصدد أن إصلاح قانون المالية بما يضمن توازن المالية العمومية، ويسعى إلى استعادة هوامش مالية حقيقية، قادرة على ضمان استدامة تمويل البرامج الإصلاحية، ويقلص الدين العمومي وخاصة الخارجي، الذي وصل إلى مستويات مرتفعة تقارب 100% من الناتج الداخلي الخام، وهو ما قد يرهن القرار السيادي الاقتصادي المغربي في يد مؤسسات التمويل الدولية، ويدفع إلى ظهور توترات اجتماعية متواصلة.
وتابع إدريس لشكر “التنزيل السليم والعادل لمقتضيات القانون الإطار للإصلاح الضريبي، بما يضمن العدالة الضريبية ويرفع من قيمة المساهمة الضريبية في تركيبة مداخيل الدولة، ويرسي مفهوم الضريبة التصاعدية القائمة على من يكسب أكثر يدفع أكثر، ويتثبت الاستقرار الضريبي، ويوسع الوعاء الضريبي ليشمل الفئات المعفية والخارجة عن دائرة الفدع الضريبي”.
ودعا إدريس لشكر إلى ضرورة التسريع بتنزيل تصورات النموذج التنموي الجديد، كإطار وطني متوافق عليه، للتنمية الشاملة، والابتعاد عن التردد غير المبرر في مباشرة الاصلاحات الهيكلية الكبرى، فضلا عن تقوية آليات مراقبة المنافسة ومحاربة الفساد، من خلال تعزيز أدوار مجلس المنافسة بما يضمن عمله كجهاز قادر على حماية المنافسة الاقتصادية، وتوسيع صلاحيات الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، لتستطيع القيام بأدوارها كجهاز قادر على تخليق المجال الاقتصادي بمختلف مناحيه وجوانبه.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...