أصدر المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار بلاغا يوم فاتح أبريل الماضي متناولا ضمنه موقفه من الرسالة المفتوحة للمكتب السياسي لحزب التقدم و الاشتراكية الموجهة الى السيد رئيس الحكومة، حيث عقب بلاغ الأحرار على تلك المبادرة بكونها “خارج الأعراف الديموقراطية “، إذ كان الأصوب أن يكون فضاء ذلك النقاش هو البرلمان مادام المخاطب هو رئيس الحكومة، و بعيدا عن الخوض في كثير من التفاصيل الواردة في هذا البلاغ و ماتلاها من الرسالة الجوابية التي وجهها حزب التجمع الوطني للأحرار للمكتب السياسي للتقدم والاشتراكية، شدتني جملة “خارج الاعراف الديموقراطية” التي أبدعها المكتب السياسي للأحرار محاولا أن أتبين العلاقة بين ممارسة حزب عصمان في نسخته الحالية تحت قيادة خلفه الحالي السيد أخنوش و تجليات النفس الديموقراطي المزعوم طيلة السنوات السبع التي تحمل فيها مسؤولية حزب الحمامة. أي انجازات تدعوه ان ينصب نفسه حارسا للديموقراطية متشبعا بقواعدها الاصيلة ومنافحا عن اعرافها المكتسبة؟
لم أجد جوابا وتفسيرا لهذه ” الكذبة الأبريلية ” الا كون مسؤولو هذا الحزب منفصمون عن الواقع مؤكدين مرة اخرى استمرارهم في الاستخفاف بعقول المغاربة و صم الآذان عن حقائق الواقع المريرة التي تكتوي بنارها مختلف الشرائح المجتمعية بمختلف مناطق المغرب. وفي انتظار ما يؤكد حرص حزب السيد اخنوش على الأقل على الأعراف الديموقراطية واحترامها لا بأس ان نسائل ذلك في انتظار جواب عملي غالبا لن يأتي اذا استمرت هذه العقلية التي تنصت للذباب الالكتروني أكثر من احتجاجات الشارع و صرخات المهمشين. لذلك نسائل :
– هل من الاعراف الديموقراطية التنصل من تحمل المسؤولية الجماعية مع الشركاء في الحكومتين السابقتين حيث دبر الحزب الازرق حقائب وزارية وازنة مع مايقتضي ذلك من انصاف و تقييم موضوعي دون اللجوء لمنطق عدمي ينسب كل ماهو ايجابي لوزراء الحزب و صبغ التجربة ككل بلون أسود ؟
وبهذا الخصوص ماموقع موقف السيد رئيس الحكومة الحالي من تدبير الحكومة السابقة الذي عبر عنه خلال لقاء مراسيم تسليم السلط مع الدكتور العثماني الذي انعقد بمقر الحكومة يوم الجمعة 8 اكتوبر 2021 حيث ” نوه بخصال رئيس الحكومة السابق، مشيدا بالأجواء “الجدية” التي طبعت الاشتغال داخل الأغلبية الحكومية السابقة رغم جميع الصعوبات التي يمكن أن تمر منها أي حكومة سواء السياسية أو الظرفية أو المرتبطة بجائحة كوفيد-19و مهنئا اياه على النجاح (!!!) الذي ميّز الحكومة السابقة التي أثمرت نتائج ومشاريع كبرى وأشرفت على تنزيل أوراش اقتصادية واجتماعية تنموية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس .
فكيف يستقيم اذن ان نشيد بالنجاح اليوم و ننعت بالفشل غدا. فهل ينسجم هذا التقلب مع الاعراف الديموقراطية؟
– هل من الأعراف الديموقراطية أن نحكم على التجارب السابقة بالفشل المطلق رغم المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية التي تم تحقيقها و التي كانت موضع اشادة من جلالة الملك في خطاب افتتاح الدورة الاولى من الولاية التشريعية الحادية عشر بتاريخ 8 اكتوبر 2021 و الذي تناول فيه صاحب الجلالة الوضعية الاقتصادية برسم سنة 2021 مشيدا بالانتعاش الملموس الذي شهدته رغم الآثار غير المسبوقة لأزمة كوفيد، وتراجع الاقتصاد العالمي عموما، الاداء النوعي الذي همت مؤشراته نسبة النمو ومؤشرات أداء القطاع الفلاحي و ارتفاع الصادرات و ارتفاع الاستثمارات الاجنبية المباشرة و ارتفاع نسبة الاحتياطات من العملة الصعبة و التحكم في نسبة التضخم في حدود 1 في المائة. هل هذا الاداء النوعي، هو نتيجة تدبير حكومي بتوجيهات ملكية سامية ام هو تدبير لوزراء حزب الحمامة فقط؟ هل هو فشل أن نجاح ساطع؟
ألا تقتضي الاعراف الديموقراطية كذلك انصاف الخصم السياسي بدل الافتراء عليه بمجرد النزول من المركب و ” مع الدورة ” كما يقول اللسان الدارج المغربي؟
– هل من الأعراف الديموقراطية كذلك استغلال الحاجة لذا المواطن و توظيف القفف الغذائية و العمل الخيري و التضامني لاستمالة الناخبين و التي اعتبرها السيد وهبي الحليف الحكومي الحالي خلال استضافته في احدى انشطة مؤسسة الفقيه التطواني (ابريل 2021 ) : رشاوى انتخابية؟
– هل من الأعراف الديموقراطية كذلك العمل على اضعاف الأحزاب المنافسة باستمالة بئيسة لأعضائها وهو مالم تسلم منه جل الأحزاب السياسية مما يمكن اعتباره مستوى غير مسبوق لظاهرة الترحال السياسي ميزت انتخابات 2021؟
– هل من الأعراف الديموقراطية كذلك ان لا يتم التحلي بالشجاعة السياسية و الاعتراف بالاخطاء التدبيرية و العجز عن ايجاد الحلول الناجعة بعد مرور سنة و نصف من عمر الحكومة الحالية، أسوة بالديموقراطيات العالمية، و عوض ذلك الامعان في ربط الفشل بأداء السابقين و الاستمرار في البحث عن تبريرات خارجية للفشل، اذ لم نشهد لائحة أعذار بهذا الحجم الا مع الحكومة الحالية بدءا بتداعيات كوفيد والحرب الروسية الاوكرانية و الأحوال الجوية والجفاف والتساقطات الثلجية و المضاربين بل حتى التضخم عوض تحمل المسؤولية في الحد من ارتفاعه تم ربطه بالسياق الخارجي ( التضخم المستورد)؟
– هل من الاعراف الديموقراطية التهرب من التواصل المنتظم مع المواطن و توضيح مختلف المستجدات و القرارات الاقتصادية و الاجتماعية مع الانصات الايجابي للمواطن و مختلف الفعاليات احتراما لعقول المغاربة بدل الاكتفاء بالندوة الصحفية للناطق الرسمي الذي لم تسعفه ملامح و قسمات وجهه و لاتشنجه في التعامل مع الصحفيين في التغطية على الارتباك الذي يعيشه اداء الحكومة ؟
خلاصة القول الضرر بقواعد الممارسة الديموقراطية و بأعرافها حاصل و الزمن التنموي يهدر في ظل محدودية كفاءة حكومة مابعد 8 شتنبر و لابديل عن حل شجاع لرفعه .
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...