لوحظ كيف تزايدت في الآونة الأخيرة حالات الاعتداء على سائقين، بمبرر أنهم غير قانونيين وليست لديهم رخص، فقط يعتمدون على التطبيقات التي بدأ يقبل عليها المواطنون كثيرا.
في المقابل، لا يرى أولئك السائقون مشكلا في ما يفعلون، مادامت نشاطات الشركات التي يشتغلون لديها معروفة ولم يتم منعها مباشرة بل انها تعرض خدماتها علنا.
وعد وتعهدات
قالت وزارة النقل واللوجيستيك، في مارس 2024، إن تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية رهين بتوافق المتدخلين في النقل الجماعي على دخول هذا النوع من النقل إلى السوق.
وأبرز وزير النقل السابق، أن تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية لا يمكن القيام به إلا إذا كان جميع المتدخلين في النقل الجماعي من سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة والحافلات مستعدون لدخول هذا النوع من النقل إلى السوق.
وبحسب ما صرح به آنذاك، تتميز منظومة النقل بالمغرب بخصوصياتها، وسيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة لها دور كبير في نقل القسط الأكبر من الركاب في مجال النقل الجماعي، مقارنة بدول أخرى التي تتوفر على وسائل نقل بديلة ومتعددة.
وفي خضم هذه الحالات، كانت الوزارة كشفت أنها تعمل على إطلاق دراسة تتعلق بوضع تصور مستقبلي للتنقلات على مستوى ربوع المملكة لتأهيل قطاع النقل العمومي، للوقوف على كيفية التعامل مع الطرق الجديدة في النقل، لاسيما داخل المدار الحضري.
ومقابل وعد الوزارة، خرجت وزارة الداخلية لتتوعد وتؤكد على عدم قانونية استخدام المركبات الخاصة في تقديم خدمات النقل العمومي. ففي جواب كتابي، في يونيو الماضي، أشار وزير الداخلية إلى أحكام الظهير الشريف رقم 1.63.260 بشأن النقل عبر الطرق، الذي ينص على ضرورة حصول مقدمي خدمات نقل المسافرين على ترخيص مسبق لممارسة هذا النشاط. وقد أكد أن استعمال مركبات خاصة لتقديم خدمات النقل أو تقديم خدمات الوساطة في مجال النقل عبر استخدام التطبيقات الذكية بدون ترخيص يبقى ممارسة غير مشروعة وغير مسموح بها، وتعرض ممارسها للعقوبات المنصوص عليها، لاسيما بموجب مقتضيات الظهير الشريف السالف الذكر والقانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق.
ولفت عبد الوافي لفتيت إلى أن الوزارة “عملت على تعزيز التنسيق مع القطاعات الحكومية والمؤسسات المعنية، وكذا مع رئاسة النيابة العامة من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة والكفيلة بالتصدي لهذه الممارسات التي تشكل خرقا للمقتضيات القانونية المعمول بها في هذا القطاع، وللمنافسة غير المشروعة لمقدمي خدمات النقل المرخص لها، لاسيما سائقو سيارات الأجرة”، وذلك “لتطويق الممارسات غير المشروعة، التي تم تسجيلها على مستوى عدد من المدن من طرف بعض الشركات التي عمدت، ودون طلب أو الحصول على أي ترخيص لتنظيم وتقديم خدمات لنقل الأشخاص والوساطة في مجال النقل عبر اعتماد التطبيقات الرقمية لربط الاتصال بين الزبناء وبعض السائقين غير المهنيين الذين يستعملون سيارات خاصة”.
ماذا يقول المهنيون؟
كانت نقابات قد راسلت الحكومة ووضعت شكايات ضد بعض سائقي سيارات الأجرة المُعتدين.
ودعت الوزير الجديد إلى الإسراع بوضع قانون ينظم القطاع.
من جانبها، وضعت النقابة الديمقراطية للنقل، أمام الوزير السابق مسودة مشروع قانون لتنظيم النقل مقابل أجر عبر تطبيقات الهاتف.
ويرى المهنيون أنه يتوجب تشجيع شركات عالمية للعمل في المغرب.
واقتُرح على الوزارة تحويل مركبات المشتغلين في هذا القطاع إلى سيارات مهنية، وتمكينهم من الرخص، لكن قبل ذلك تعديل الظهير الشريف رقم 1963 بشأن النقل عبر الطرق.
كما أن الفريق الحركي بمجلس النواب، سبق له أن تقدم بمقترح قانون دعا فيه إلى إضافة سيارات النقل عبر التطبيقات الذكية لقائمة المركبات التي يمنع سياقتها بصفة مهنية دون التوفر على رخصة السائق المهني، على أن تبادر الوزارة الوصية بإصدار نص تنظيمي لتحديد طريقة استخدام هذه السيارات، في خطوة شدت الحبل من جديد بين مؤيدي نقل المركبات الخاصة للمغاربة بواسطة هذه التطبيقات، وتنظيمات مهنيي النقل، خصوصا أرباب سيارات الأجرة.
مقترحات
ذكر مصطفى شعون، الأمين العام الوطني للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط، أن المواطن في ظل التحولات المجتمعية وما توفره التكنولوجيا يحتاج إلى “قرار سياسي يستهدف مصلحة المنتسبين للقطاع والعاملين فيه، للرفع من مستواهم المعرفي والفكري وإخضاعهم لتكوينات مستمرة، والقطع مع كل الممارسات التي أفرزت بعض المظاهر التي تخدش صورة قطاع النقل بواسطة سيارات النقل بالمغرب، ولا تساهم في تعزيز قدرة المملكة على استقبال السياح وتوفير خدمة للنقل سريعة ومستدامة للمواطنين”.
وقال شعون للأنباء تيفي، إن المنظمة كانت أول هيئة تقدم مقترحات لإصلاح القطاع لرئيس الحكومة، أوائل سنة 2022، لكن لم يتم التجاوب مع عدد منها، يقول شعون، كما نظمت يوما دراسيا مع الفرق الأغلبية بالبرلمان للإحاطة علما بما هو متوفر من دراسات حول القطاع وقدمت مقترحات الإصلاح.
وترتكز هذه المقترحات، حسب تصريح شعون، على خمسة محاور؛ أولها ربط الحصول على المأذونية (الكريمة) بشروط مهنية، أي سائقين مهنيين لا يزاولون نشاطا آخر، وأن يخضعوا لمقتضيات قانونية على رأسها ضمان استمرارية العلاقات التعاقدية وأن تخضع المأذونية لنظام الكراء، والرفع من كفاءات السائقين، وأن تكون المركبة في مستوى عال لأن ما يعيق الاستثمار هو وجود عدد من المتدخلين أو ممن وصفهم بـ”متعددي العقود”.
ويرى أيضا، أن من واجب مسؤولي الجهات تحمل مسؤولياتهم في ما يتعلق بالنقل عبر الجهات، خصوصا أن المشرع أعطاها صلاحيات واسعة لتنظيم النقل.
وقال: “نحن مع التكنولوجيا في سيارة أجرة مرخصة، وأن يكون السائقون المهنيون معروفون لدى السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، وأن تتوفر في المركبة شروط الراحة، ومراجعة التعريفة”، مضيفا أن المجالس المنتخبة تتحمل مسؤوليتها أيضا في دعم القطاع.
وأضاف، أن الإصلاح يستوجب مقاربة مندمجة مع كل المتدخلين، مضيفا “نرى أنه من الواجب، كحل قانوني، إحداث سلطة مكلفة بالنقل والتنقل، لأن حاجيات المواطن هي التنقل”.
وختم قائلا: “لدينا كفاءات، وكنقابة مستعدون للمواكبة إن حضرت هذه الإرادة السياسية، والإصلاح المنشود ليس أكبر من الإصلاحات الموجودة حاليا، إذ يستدعي جرة قلم، شريطة وجود مقاربة مندمجة تجمع بين المهنيين ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص لإعطاء خدمة في المستوى تواكب التحديات المقبلة”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...