في خطوة مثيرة تعكس حجم التخبط والخوف الذي صار يعيشه النظام الجزائري، أصدرت السلطات الجزائرية قرارا غريبا يحظر على أساتذة التاريخ الإدلاء بأي تصريح صحافي للصحافة الأجنبية، وهو ما أثار جدلا واسعا، سواء داخل دولة الجزائر أو خارجها.
وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي محمد شقير، أن قرار عميد الجامعة، قد أثار استياء المجلس الوطني الأساتذة التعليم العالي بالجزائر، حيث طلب الأخير تدخل الوزارة للنظر في هذا القرار، مما يعكس الجدل بين الأوساط الأكاديمية حول ما يتعلق بتصريحات الأساتذة بشأن أحداث تاريخية والتي نجمت بالأساس بعد اعتقال الباحث في التاريخ الجزائري محمد الأمين بلغيث، وبوعلام صنصال الذي أدلى بوقائع لا تنسجم مع الايديولوجية للتاريخ الرسمي للجزائر وبالأخص ما يتعلق بالأجزاء المغربية التي تم ضمها من طرف فرنسا إلى الجزائر أثناء احتلالها للمغرب واستعمارها للجزائر.
واعتبر شقير في تصريح لموقع الأنباء تيفي، أن ذلك “يعري الطرح الجزائري فيما يتعلق بمساندة جبهة البوليساريو، حيث يكشف أن الغرض منه ليس الدفاع عن تقرير مصير شعب صحراوي بل هدفه التغطية عن استمرار الجزائر في احتفاظها بمنطقة الصحراء الشرقية وتخوف السلطات الجزائرية من مطالبة المغرب بها استنادا للوقائع التاريخية والأرشيف الفرنسي الذي يؤكد بأن هذه المنطقة كانت تابعة للمغرب بما فيها تندوف التي نصبت فيها خيام محتجزي البوليساريو، وأن حرب الرمال كانت قد اندفعت بسبب تراجع السلطات الجزائرية عن الالتزام السياسي بالتفاوض حول استرجاع هذه المنطقة بعد استقلال الجزائر بعدما رفض الملك محمد الخامس التفاوض بشأنها مع فرنسا، معتبرا أن ذلك سيكون فيه خيانة لشعب يحارب من أجل استقلاله وأن ذلك سيتم مع سلطات الجزائر المستقلة، سيما وأن حكومة الجزائر المؤقتة كانت قد التزمت بذلك”.
وعلى إثر ذلك، “فقد أصبحت السلطات الجزائرية تتخوف من الحقيقة، وتحاول تقييد تصاريح أساتذة التاريخ فيما يتعلق بمسألة تاريخ الحدود المغربية الجزائرية، بل بتاريخ الجزائر ككل، والذي يؤكد على خطورة النشأة، وأن الجزائر لم تكن مثل عراقة الدولة المغربية، حيث انتقلت عبر تاريخها الحديث من مستعمرة تركية إلى مستوطنة فرنسية أو ما كان يسمى بالجزائر الفرنسية وأن مناطق بالجهة الشرقية للمغرب، قد اقتطعت بعد حرب ايسلي التي انهزم فيها المغرب وكذا أنه بموجب اتفاقية 1901 تم ضم مناطق الساورة وغيرها إلى الجزائر بالقوة”، يضيف شقير.
وأصدرت جامعة حسيبة بن بوعلي في الشلف بدولة الجزائر، بتاريخ 8 ماي الجاري قرارا يمنع أساتذة التاريخ من الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام الأجنبية.
وفي دورية لرئاسة الجامعة، اطلع موقع الأنباء تيفي على نسخة منها، قررت عمادة كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بجامعة حسيبة بن بوعلي في الشلف، منع أساتذة التاريخ من التصريح أو إجراء مقابلات إعلامية مع وسائل الإعلام الأجنبية بمختلف أنواعها، دون الحصول على ترخيص مسبق.
وحملت المراسلة عنوان “تعليمة داخلية موجهة لأساتذة قسم التاريخ”، وأشارت إلى أن هذا القرار تم اتخاذه “عملا بالتعليمات التنظيمية المعمول بها في مؤسسات التعليم العالي، وحرصا على حماية صورة الجامعة وضمان انسجام الخطاب الأكاديمي مع التوجيهات الرسمية للدولة، يطلب من جميع أساتذة قسم التاريخ بالكلية الامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات أو إجراء مقابلات مع وسائل الإعلام الأجنبية المرئية أو المسموعة أو المكتوبة أو الإلكترونية، دون الحصول على ترخيص مسبق وصريح من الإدارة”.
وشددت المراسلة على أن “كل تصريح خارج هذا الإطار يعد خرقاً للإجراءات الإدارية وقد يعرض صاحبه للمساءلة التأديبية وفقاً للتنظيمات المعمول بها، داعية إلى “التقيد الصارم بفحوى التعليمة”.
ومن جهته، اعتبر المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي بالجزائر، أن ما صدر عن عميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة الشلف، “سابقة خطيرة جدا غير مسبوقة ليس على المستوى الوطني فقط بل حتى على المستوى الدولي”.
وأشار المجلس في بيان له اطلع موقع الأنباء تيفي عليه، إلى أن هذا التصرف “من شأنه أن يهز بقيمة الجامعة الجزائرية على المستوى الدولي، وتجعلها محل سخرية وتنمر”.
وشدد على أن “الحريات الأكاديمية في الجزائر تعد حقاً دستورياً وإنسانياً أساسياً لأعضاء المجتمع الأكاديمي وفق المادة 75 من الدستور الجزائري”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...