رغم اختلاف التوجهات السياسية، جمع ملف إصلاح صناديق التقاعد الفرق البرلمانية على كلمة “لا مجال للتأجيل”.
وتلاقت داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، وفي جلسة انعقدت اليوم الأربعاء، أصوات من الأغلبية والمعارضة على وصف هذا الورش بـ”الاستعجالي” و”الاجتماعي بامتياز”، في ظل اختلالات مزمنة تهدد مستقبل الملايين من المغاربة، متقاعدين وأسرهم.
ولفتت مداخلات إلى الوعود الحكومية بتقديم تصور شامل يقطع مع الإصلاحات “الترقيعية” السابقة.
وسجلت أن نظام التقاعد يعاني من اختلالات مالية وهيكلية عميقة، تهدد استدامته على المدى القريب، أبرزها العجز المتنامي في صندوق التقاعد المدني (الصندوق المغربي للتقاعد)، والذي يتوقع أن ينفد احتياطه المالي بالكامل في غضون السنوات المقبلة، وتفاوت كبير بين أنظمة التقاعد الأربعة CMR، RCAR، CNSS، CIMR)، سواء من حيث شروط الاستفادة أو نسب الاقتطاع والمعاشات.
كما تعاني من شيخوخة السكان وارتفاع أمد الحياة، ما يعني زيادة عدد المتقاعدين مقارنة بالمساهمين النشيطين.
في قلب النقاش، برز مطلب مأسسة التوافق السياسي والاجتماعي، ليس فقط من أجل إنقاذ الصناديق المهددة بالعجز، بل من أجل بلورة إصلاح شامل يعكس التحولات المجتمعية ويكفل الإنصاف، خصوصاً للفئات الهشة.
في هذا السياق، طالبت النائبة خديجة الزومي من الفريق الاستقلالي بإعادة النظر في المنظومة القانونية الحالية، التي وصفتها بـ”غير المنصفة للنساء والأشخاص في وضعية إعاقة”.
وفي نظرها، أي مشروع جديد يجب أن ينبني على قراءة شاملة، تأخذ بعين الاعتبار المعطيات السوسيو-اقتصادية الحالية، لأن “الأمر لا يخص المتقاعدين فقط بل يشمل أكثر من 20 مليون مغربي”.
أما نعيمة الفتحاوي عن مجموعة العدالة والتنمية، فقد رأت في التقاطع بين مواقف الأغلبية والمعارضة بشأن بعض القوانين، ومنها قانون التقاعد، فرصة ثمينة للحكومة لالتقاط الإشارات السياسية.
وقالت: “وزيرة المالية عبّرت مرارا عن نية الحكومة تقديم مشروع قانون للتقاعد، لكننا ما زلنا في مرحلة الانتظار وهذا الانتظار أصبح مكلفا”.
أما رئيس الفريق الحركي، إدريس السنتيسي، فذهب أبعد من ذلك، محذرا من تبخر مقترحات قوانين التقاعد في أدراج الحكومة.
وشدد على ضرورة الالتزام ببرمجة زمنية واضحة لإصلاح حقيقي يتجاوز مجرد إصدار النصوص، ويحمي استمرارية الدولة الاجتماعية التي ظلت، بحسب تعبيره، “محورا للسياسات العمومية منذ قرون”.
في المقابل، أكد رئيس فريق الأحرار، محمد شوكي، أن الحكومة اشتغلت بمنطق التشاركية، وأن مشروع إصلاح التقاعد لا يزال على الطاولة، بمسودات جاهزة تنتظر التوافق مع الفرقاء الاجتماعيين.
وقال إن رئيس الحكومة أعطى تعليماته للجنة الوطنية للتقاعد من أجل إطلاق المشاورات، في خطوة تهدف إلى “تعزيز التماسك الاجتماعي وصون حقوق الفئات الهشة، من نساء وأشخاص في وضعية إعاقة وأطفال تحت الكفالة”.
لكن النائب الاشتراكي سعيد بعزيز لم يُخف انتقاده للسلطة التنفيذية، متهما إياها بالتقاعس عن الوفاء بالتزاماتها السابقة، وعلى رأسها الوعد بإصلاح التقاعد في أفق 2024.
وذهب إلى حد التلويح بتفعيل الآليات الدستورية، بما في ذلك إحالة القوانين المرفوضة على المحكمة الدستورية، قائلا: “المعارضة مستعدة للتصويت، حتى إن رُفضت مشاريعنا في الجلسات العامة”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...