رسالة مفتوحة إلى وزير العدل

السلام عليكم ورحمة الله
امتنعت في بداية أن أدلي بموقفي إزاء الجدل الذي أثير حول امتحان ولوج مهنة المحاماة حتى أتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض. وهو ما تم خصوصا بعد تتبعي لخرجاتك الإعلامية خصوصا المقابلة التي أجريتها مع رضوان الرمضاني .
السيد الوزير ، لا تنتظر مني أن أناقش معك تصريحاتك التي قلت عنها أنها صدرت عنك نتيجة غضب أو استفزاز أو الإشاعات سواء كانت صادقة أو كاذبة التي تتداولها الألسن في كل مكان وتتداولها مواقع ووسائل الاعلام المحلية والعالمية فهذا سيكون شأن النيابة العامة والفرقة الوطنية أو لجنة تحقيق إن تقرر فتح تحقيق حول ما جرى في هذه المباراة. لكن سأناقش معك بعض ما دار بينك وبين الرمضاني وأمور تتعلق بتنظيم الامتحان .

أولا ؛ السيد الوزير في النقاش حول الضجة التي أثارتها هذا الامتحان أشرتم إلى أن ما حدث زوبعة بسيطة ثم عدتم لتثيروا مصداقية الدولة ، فهل هي زوبعة بسيطة أم اعصار قوي مس أو سيمس بمصداقية الدولة وخصوصا حينما تكون الوزارة المفروض فيها الحرص على تطبيق العدل واحترام القانون متهمة بالتزوير والفساد؟. لقد أصبحت سمعة بلادنا تلوكها ألسن الأعداء والخصوم الذين استغلوا الفرصة للمس بمصداقية الدولة المغربية . وصدقا إذا كنت تعتبر ما صاحب هذا الامتحان من قيل وقال واتهامات بالفساد والتزوير زوبعة بسيطة ، فإني أقول لك بكل مسؤولية : ارحل .

ثانيا؛ المفروض عند التفكير في تنظيم امتحان أو مبارات مراعات المساواة في الفرص . ووزارتكم حينما اعتمدت QCM ومعناه السؤال المتعدد الاختيارات questionnaire à choix multiple، الذي سيشرف على تصحيحه الكمبيوتر، قد ضربت في العمق ومنذ البداية مبدأ التكافؤ الفرص، ذلك أن هذه الطريقة في الامتحان تتطلب التمرين عليها لأنها غير مألوفة في منظومتنا التعليمية وطبعا هذا سيمنح الامتياز لمن درس في المراكز الثقافية الأجنبية أو في كندا حيث من المعتاد العمل بهذا الشكل في الاختبار .
من جهة أخرى ، سيدي الوزير ، فإن اعتماد ال QCM قد ألغى أهم غاية من الامتحان حيث إنه لا يسمح بالتعرف على الملكات الكتابية والقدرة على صياغة المرافعات جوهر عمل المحامي.

ثالثا ، السيد الوزير الشكل الذي نظم به الامتحان قد فتح باب التأويلات على مصراعيه بالنسبة للتشكيك في نزاهة ومصداقية اللجنة التي أشرفت على تنظيم الامتحان . فحسب ما بلغ لعلمي فأن أوراق الامتحانات لم تكن مشفرة أي مرفوقة بالرمز الشريطي Code barre أو على الآقل لم يتم ترميزها بالطريقة القديمة بمايضمن سرية هوية صاحب الورقة أمام اللجنة ولا لا يتم كشفها إلا عند الانتهاء من التصحيح ووضع النقط وإخراج لائحة الناجحين.

رابعا ، حسب ما قلته في برنامج الرمضاني ، يتبين أن هناك خرق واضح للمسطرة التي نظم بها الامتحان . تقول أن القانون المنظم للامتحان يشترط الحصول على معدل عشرة /عشرين ، وأن عدد الناجحين كانوا 800، لكنك تدخلت لكي تنزل اللجنة عن المعدل إلى أن وصل عدد الناجحين 2000. أي ضاعفت رقم الناجحين 150 بالمائة. وتبرر هذا بأنها رغبة منك في انقاذ عدد من أبناءالشعب وليس لشيئ أو هدف آخر . شكرا على هذا الحس الإنساني لديك لكن صراحة يمكن أن تؤدي النوايا الحسنة في كثير من الأحيان إلى عواقب وتعقيدات . في نازلتنا وبغض النظر عن حسن أو سوء النية فإن أقل ما يقال عن ما فعلته هو أنك خرقت بشكل سافر الوائح المنظمة للامتحان فاتحا بذلك الأبواب للتأويلات . وأسألك السيد الوزير بأي صفة تدخلت في عمل اللجنة علما أن لها رئيسا و تدخلك قد أجج الشبهات حول محاولة التأثير على النتائج بحكم أن هناك مترشحين يقال عنهم أنهما أبناؤك أو من عائلتك أو أبناء أعضاء في اللجنة أو منحدرين من أسر معروفة في عالم المحاماة . وبلغة القانون هذا خرق في الشكل وأكيد سيستمر في إحراجك وقد يورط اللجنة المنظمة للامتحان في متاهات ومطبات خصوصا وأنك قد حملتها المسؤولية الكاملة في التنظيم.

خامسا، الخرق في المذكرة المنظمة للامتحان جعلني في حيرة من أمري ، هل كنا فعليا إزاء امتحان أم كنا إزاء مبارة . ستقول وقد قلته أن جهات -والواضح أنها هيآت المحامين – كانت تضغط من أجل تقليص عدد الناجحين لاعتبارات مرتبطة بتنظيم المهنة ، وهذا ما تم واقعيا بحكم أن الناجحين ب 80 نقطة لم يتعدى 800 متباري من 40000 اجتازوا الامتحان ، أي إنه كان امتحانا انتقائيا حيث 2 في المائة فقط هم من نجحوا فعليا وأن توسيع دائرة الناجحين كانت الغاية منه شيئ آخر غير اختبار كفاءة المرشحين . .

سادسا ، هناك الكثير من الأخبار المتداولة، في وسائل التواصل الاجتماعي وحتى الإذاعات والقنوات التلفزيونية المحلية والعالمية، تتناول الخروقات والتلاعبات التي يدعي القائلون بها أنها شابت تنظيم امتحان الولوج إلى سلك المحاماة وحينما تطرح السيد الوزير السؤال هل كل الألفين اللذين نجحوا هم من أبناء وأقارب المحامين فإنك تزكي هذه الأخبار المتواترة مما جعل الكثير من المغاربة يرددون : أن ليس هناك دخان بلا نار. هذا ليس هو السؤال الذي كان عليك أن تطرحه بل السؤال هل كان بين هؤلاء الناجحين الألفين من زورت نتيجته بشكل من الأشكال مما يزكي التشكيك في نزاهة التباري.

السيد الوزير أنت أمام أمرين لا ثالث لهما ، إما اتخاذ قرار قاضي بإلغاء نتائج هذا الامتحان وتحديد أجندة جديدة لإعادته في شروط لا يتسلل إليها الشك في مصداقيتها ونزاهتها أو تلجأ للنيابة العامة لكي تفتح تحقيقا في الموضوع يتحمل فيه كل واحد المسؤولية فيما ما قاله أو فعله فسمعة بلادنا خط أحمر .

تحياتي