احتضنت مساء أمس السبت مدينة القصيبة التابعة لإقليم بني ملال، ندوة علمية نظمتها جمعية أصدقاء القصيبة للتنمية والبيئة والسياحة حول موضوع: “الإجهاد المائي في المغرب، آليات التكيف وسبل ترشيد استعمال المياه”، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للغابة واليوم العالمي للماء اللذين يصادفان تباعا يومي 21و22 مارس من كل سنة.
وقد عرفت هذه الندوة، تطرق محمد الديقي مهندس بالمركز الجهوي للاستثمار الفلاحي تادلة وعضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بني ملال خنيفرة في مداخلة له تحت عنوان: “الإجهاد المائي بالمغرب ومستقبل الفلاحة بجهة بني ملال خنيفرة”، إلى ما عرفته جهة بني ملال خنيفرة وحوض أم الربيع خلال السنوات الأخيرة من انخفاظ كبير في نسبة التساقطات مما تسبب في انخفاظ مستويات ملء السدود وانخفاظ مستوى الفرشة المائية ونضوب الكثير من العيون المائية وانخفاظ صبيب المتبقى منها.
وأكد الديقي، على أن المغرب دخل مرحلة الإجهاد المائي الحاد بحوالي 650 متر مكعب للمواطن حيث أن مؤشر الفاو للإجهاد المائي الخاص بنصيب الإنسان للماء على المستوى العالمي هو 1000متر مكعب.
واضاف الديقي، أن المغرب اتخذ عدة إجراءات استباقية، حيث تمكن من إنجاز السدود الكبيرة والتلية و حفر الأبار والأثقاب وتحلية المياه لكن الجفاف الذي عرفه المغرب في الست سنوات الأخيرة جعل المغرب يعلن حالة الطوارئ المائية ويتخذ إجراءات مستعجلة لمواجهة نقص المياه مما تسبب في تضرر الفلاحة حيث تسببت قلة المياه في موت الكثير من أشجار الزيتون والبرتقال في مناطق بني عمير و غيرها.
وأشار الديقي، في ختام مداخلته إلى مجموعة من التوصيات تتعلق بضرورة تشجيع السقي بالتنقيط و تشجيع الزراعات القليلة الاستهلاك للماء و تشجيع الزرع المباشر وغيرها.
من جهته عرج حسن مهنة مهندس غابوي متقاعد مستشار في التنمية المستدامة، على دور الغابة والغطاء النباتي في التخفيف من الإجهاد المائي وتنمية الموارد المائية، حيث أو ضح أن الأشجار تلعب دورا مهما في الحفاظ على الموارد المائية عن طريق ضمان تسربها داخل التربة بفضل الذبال المتجمع تحت الأشجار فضلا عن الدور الذي تلعبه في الحفاظ عن التربة التي تسقبل المياه و تغذي بها الفرشات المائية و خزانات العيون.
وأبرز مهنة في مداخلته بعنوان: “دور الغطاء النباتي في التخفبف من الإجهاد المائي وتنمية الموارد المائية”، توصيات مهمة، شدد من خلالها على ضرورة تشجيع التشجير و غرس الأشجار لدورها في تلطيف الجو وتوفير الظروف لاستقبال التساقطات وضمان تسربها داخل التربة وعدم ضياعها.
ودعا حسن مهنة، إلى ضرورة التنسيق بين القطاعات وتوحيد السياسات العمومية لمواجهة الإجهاد المائي.
بدوره، أشار هشام الراضي المدير التنفيذي للجنة الجهوية لحقوق الإنسان لبني ملال خنيفرة تحت عنوان: “الحق في الماء، أية استراتيجيات للمستقبل”، إلى أن الإجهاد المائي نتج عن التغيرات المناخية التي باتت تعرفها بلادنا مع الكثير من بلدان العالم حيث انخفظت كمية التساقطات وارتفعت كمية الماء المتبخر فضلا عن الاستغلال المكثف للموارد المائية،
وأوضح راضي، أن الاقتصاد المغربي يعتمد اساسا على الفلاحة حيث يشغل 40%من السكان النشيطين ويستهلك أزيد من 80%من الموارد المائية، مضيفا أن الإجهاد المائي بات معطى بنيويا و ليس ظرفيا، مما يحتم على المغرب بناء نموذج صامد أمام التغيرات المناخية وقادر على ضمان الحق في الماء للأجيال المقبلة وما يرتبط به من حقوق أساسية كالحق في الغذاء و الحق في الصحة و الحق في الشغل و غيرها.
وأكد هشام راضي، على بعض التوصيات التي تضمنتها المذكرة المنجزة من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بعنوان: “الحق في الماء مداخل لمواجهة الإجهاد المائي في المغرب، حيث قسمها إلى قسمين، الأول خاص بالتوصيات المستعجلة منها البحث عن بدائل لبعض الزراعات المستهلكة للماء، وإدماج كلفة الماء في النموذج الاستثماري و تفعيل المسؤولية المجتمعية للمقاولات لحماية الموارد المائية ووضع قاعدة بيانات محينة لتتبع وضعية الماء بالإضافة إلى مكافحة تلوث المياه عبر تعميم الصرف الصحي والحد من الاسغلال المفرط للمخزون الاستراتيجي للمياه الجوفية والإسراع في تحلية مياه البحر.
وتابع راضي، أن القسم الثاني فتم تخصيصه للتوصيات الاستراتيجية ومن بينها إعادة النظر في نموذج النمو القائم على مركزية القطاع الفلاحي وتوزيع النشاط الاقتصادي عبر دعم القطاعات الأقل استهلاكا للماء والقادرة على إنعاش الشغل واقتحام الأسواق الخارجية، لافتا إلى أن من أهم التوصيات الاستراتيجية التي أوصى بها المجلس كذلك تشجيع البحث العلمي للتفكير في بدائل فلاحية و اقتصادية محترمة للبيئة ومقتصدة للماء، بالإضافة إلى ضرورو تحسين حكامة الماء عبر تفعيل القانون 36.15 وتنزيل المخطط الوطني للماء و إخضاعه للتقييم و التدبير التشاركي للماء فضلا عن عقلنة الاستعمال المنزلي.
وفي ختام هذه الندوة، أوصى المتدخلون، على ضرورة الحفاظ على الغابات من الاجتثاث، تحلية ماء البحر ضرورية للمدن الشاطئية المغربية لاستعمالها في الشرب وليس السقي، والاعتناء بالجبال باعتبارها الأم التي تغذي السهول بالمياه، مع ضرورة الحفاظ على الذبال(humus ) من الانجراف.
وأشار المتدخلون، إلى ضرورة التشجير ثم التشجير، واستعمال حواجز مائية صغيرة أصماد( gabions) للتخفيف والحد من الانجرافات، علاوة على ضرورة التنسيق بين كل الإدارات المختصة بالماء (المصالح الفلاحية، الغابوية، الماء الصالح للشرب ،وكالة الحوض ،الجماعات المحلية…)، ضرورة التعاطي مع المنظومة الطبيعية كتراث حضاري لها دور في التماسك الاجتماعي و التقارب بين الشعوب والثقافات، مبرزين وضع سياسة مندمجة وحلول مستدامة، والتحسيس على مستوى المؤسسات التعليمية والاستغلال المعقلن للثروة الغابوية لضمان حاجيات سكانها، واستعمال الماء مسألة ضرورية للنمو الاقتصاد ي الوطني والطلب عليه سيزداد لهذا وجب التكيف الظرفي والتكيف الاستراتيجي مع الاحتياجات لهذه المادة الحيوية، تحسين حكامة استعمال الماء وترشيده وعقلنة الاستعمال المنزلي، فضلا عن تدوير المياه العادمة، وتفعيل المسؤولية للفاعل الاقتصادي في الحفاظ على البيئة والماء.
وأكد المشاركون، على اعتماد تقنيات التنقيط في السقي كرؤية واضحة المستقبل، ووضع سياسة استباقية تجد حلولا مكيفة لوضعيتنا المائية، الربط بين الأحواض، كما أن البحث العلمي هو المفتاح لتقليص التكلفة في تحلية ماء المياه، مع الزيادة في الاعتماد على الطاقات النظيفة.
ويشار إلى أن الفقرة الأخيرة من هذه الندوة، خصصت لتكريم شخصيتين قصيبيتين هما المصطفى عزي المسحراتي الذي دأب على إيقاظ سكان القصيبة لتناول وجبة السحور بالإضافة إلى السعدية وسيعبو نظير ما قامت به من أدوار في تشجيع السياحة الجبلية والتضامنية و تشغيل النساء القرويات وإدماجهن.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...