اعتبرت مجموعة من الأصوات النسائية، أن ما صرح به عبد اللطيف وهبي وزير العدل حول موضوع النفقة على الأبناء بعد الطلاق، مجرد نشاز، وتشويش على المسار الذي تمر منه مدونة الأسرة.
وفي هذا الصدد، قالت النائبة البرلمانية عزيزة بوجريدة عن حزب الحركة الشعبية على أن ما قاله وزير العدل خلال حلوله يوم أمس الثلاثاء ضيفا على القناة الثانية، ضرب من الجنون، وأنها تصريحات لم تكن تنتظرها النساء من وزير يدعي أنه يدافع عن حقوق المرأة.
وأضافت بوجريدة في تصريح لموقع الأنباء تيفي، أنها كبرلمانية ورئيسة جمعية نسائية وامرأة مطلقة، انصدمت بشكل كبير من تصريحات وهبي، وذلك في الوقت الذي كانت تنتظره فيه أن تنصف مدونة الأسرة الآلاف من النساء المطلقات اللواتي يتحملن الكثير من المعاناة أجل الانفاق على ابنائهن.
وأضافت، أنه من أجل ضمان الاستقرار النفسي لأبنائها وعدم إدخالهم في صراعات مع طليقها، كغيرها من الكثير من النساء، اضطرت إلى التنازل عن النفقة حتى لا تدخل وإياه في دوامة من المشاكل سيكون لها تأثير سلبي على فلذات كبدها، إلا أنه مع تصريحات وهبي، حسب النائبة، ستتحمل المرأة المطلقة أعباء أخرى تتمثل في أداء النفقة لطليقها.
وأكدت، أن تصريحات وهبي ليست عادية في زمن تحاول فيه المملكة المغربية تجاوز ثغرات المدونة باعتماد صيغة قانونية جديدة تضمن حقوق النساء، خاصة أمام المشاكل التي كانت تواجه المرأة في المحاكم، وباللأخص بعد الطلاق، حيث تعج المؤسسات القضائية بالقضايا المتعلقة بالنفقة، التي يرفض الكثير من الآباء أداءها بعد انتهاء مؤسسة الزواج.
ومن جهتها، أشارت النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي، عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، أن النفقة في بلادنا ينظمها القانون 70.03 بمثابة مدوّنة الأُسْرَة الصادر في 05 فبراير 2004 كما تم تعديله. وأنه تم التنصيص فيه على كل ما يتعلق بالنفقة على من تجب وعلى مستحقها، شروطها وإجراءات الحصول عليها وكما نعلم فالمدونة تستمد مرجعيتها الأساسية من الشريعة الإسلامية
وفي هذا الصدد، أشارت نعيمة الى أن المدونة تنص على أن الزوج ملزم بالنفقة على زوجته بغض النظر عن أوضاعها المالية، وبغض النظر عن يسرها. وإذا عجز الأب كلياً أو جزئياً عن الإنفاق على أولاده، وكانت الأم موسرة، وجبت عليها النفقة بمقدار ما عجز عنه الأب. ولا يعتبر ما أنفقته، خلال فترة إعساره، ديناً عليه. (المادتان 193 و199 من مدوّنة الأُسْرَة) وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والعلاج، وما يعتبر من الضروريات والتعليم للأولاد.
وتعتبر تكاليف سكنى المحضون، حسب المتحدثة، مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما. مشيرة إلى أنه في تقدير كل ذلك، يراعى التوسط ودخل الملزم بالنفقة، وحال مستحقها، ومستوى الأسعار والأعراف والعادات السائدة في الوسط الذي تفرض فيه النفقة. (المادتان 168 و189 من مدوّنة الأُسْرَة) ولا يمكن اعتبار عمل المرأة سبباً لسقوط حقها في النفقة، لأن هذا الحق مقرر دون شرط بمجرد البناء، وكذا إذا دعت زوجها للبناء بعد أن يكون قد عقد عليها. (المادة 194 من مدوّنة الأُسْرَة). مضيفة أنه يمكن للزوجة المطالبة بنفقتها خلال قيام العلاقة الزوجية، وكذا خلال الإجراءات القضائية، ولا يتوقف حقها في النفقة إلا بعد الطلاق وانقضاء العدة. (المواد 84 و194 و196 من مدوّنة الأُسْرَة).
وأشارت إلى أنه أيضا يمكنها إقامة دعوى النفقة على زوجها الغائب، سواء كان مكانه معلوماً أو مجهولاً، كما يمكنها أن تطلب التطليق حالاً إذا استمر في عدم الإنفاق. (المادتان 102 و103 من مدوّنة الأُسْرَة)، مشيرة إلى أن مستحقات المطلقة، تشمل رجعياً: الصداق المؤخر إن وجد ونفقة العدة والمتعة التي يراعى في تقديرها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج، وأسباب الطلاق، ومدى تعسف الزوج في توقيعه. وأنه إذا لم يودع الزوج المبلغ، المنصوص عليه في المادة 83، داخل الأجل المحدد له، اعتبر متراجعاً عن رغبته في الطلاق، ويتم الإشهاد على ذلك من طرف المحكمة. ولا تسقط نفقة المطلقة رجعياً إذا انتقلت من بيت عدتها دون موافقة زوجها أو دون عذر مقبول. (المواد 84 و86 و196 من مدوّنة الأُسْرَة).
والمطلقة، وفق تصريح عضو الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، تستحق نفقة عدتها حتى ولو كان الطلاق لسبب يرجع إليها. فالقانون عند تنصيصه على حق المطلقة في نفقة العدة لم يأخذ بعين الاعتبار سبب الطلاق. (المادتان 84 و196 من مدوّنة الأُسْرَة) ولا يسقط حق الزوجة في النفقة إلا إذا غادرت بيت الزوجية، وصدر في حقها حكم بالرجوع إلى بيت الزوجية وامتنعت عن تنفيذ الحكم. (المادة 195 من مدوّنة الأُسْرَة).
وفيما يتعلق بتصريح وهبي حول نفقة الزوجة المطلقة على زوجها في حالة طلاق، إذا كان دخلها أكثر من دخله يستوجب عليها النفقة، قالت النائبة على أنه مجرد “نشاز لا أصل له ومخالف لمقتضيات الشريعة ولمدونة الاسرة المغربية، فضلا عن كون التصريح تشويشا على العملية والمسار الذي تمر به المدونة”.
وفي هذا الصدد، قالت: “الأمر مرتبط بورش حقوقي انطلق بـهيئة مراجعة مدونة الأسرة مع توسيع باب الاستشارة والانفتاح على المجتمع المدني في إطار مقاربة تشاركية واعتماد فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح. وجاءت الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة من أجل إعادة النظر في مدونة الأسرة وتعديلها اعتبارًا للاختلالات التي تعرفها في تطبيقها القضائي ولأجل ملاءمة مضامينها مع التطور الذي يعرفه المجتمع المغربي”.
مشيرة في هذا السياق، إلى أنه في “يوم 28 يونيو المنصرم أعلن الديوان الملكي، ضمن بلاغ أن أمير المؤمنين الملك محمد السادس، رئيس المجلس العلمي الأعلى، أصدر توجيهاته بإحالة بعض القضايا للإدلاء بالفتوى فيها من طرف المجلس العلمي الأعلى باعتباره الجهة المختصة والمؤهلة لذلك لدراسة المسائل الواردة في بعض مقترحات هيئة مراجعة مدونة الأسرة، استنادا إلى مبادئ وأحكام الإسلام، ومقاصده السمحة، ورفع فتوى بشأنها إلى نظر الملك”.
وجدير بالذكر، أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي، أكد يوم أمس في تصريح صحفي له على القناة الثانية، على ضرورة إعادة النظر في موضوع النفقة على الأبناء بعد الطلاق.
وقال وهبي: “خصنا نعرفو وضعية المرأة ووضعية الرجل باش نعرفو شكون المتضرر، ايلا عندها دخل مالي أكبر من الرجل سيتوجب عليها النفقة”.
وأضاف وهبي قائلا: “نناقش هذه النقطة لتحقيق توازن وعدالة.. حيث ملي كنقولو مناصفة خصها تكون فكلشي”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...