ألقى المغرب اللوم على الدول الأوروبية مسؤولية الصعوبات التي تواجهها لإعادة مهاجرين غير قانونيين مغربيين مبديا استعداده لاسترجاعهم ومنتقدا هؤلاء الذين يجعلون من الهجرة ملفا “يتعرض لحسابات سياسية”.
تعقيدات عند الطرف الآخر
تأتي هذه التصريحات فيما استؤنف الجدل في فرنسا حول مسألة طرد مهاجرين في أوضاع غير قانونية بعد اعتقال مغربي في شتنبر يشتبه في انه قتل طالبة وكان يفترض أن يغادر الأراضي الفرنسية.
ووجهت اتهامات الى المغرب بالتأخر في منحه تصريح مرور يتيح ترحيله.
وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة الاقليمية الاسبانية لجزر الكناري فرناندو كلافيخو إن “المغرب مستعد لاسترجاع كل مهاجر غير شرعي ثبت على انه مغربي وذهب من التراب المغربي”. وأضاف أن “المغرب مستعد لكن هل الطرف الاخر قادر ان يقوم بذلك؟”.
وأوقف في سويسرا المشتبه به الرئيسي في قتل طالبة تبلغ من العمر 19 عاما عثر على جثتها مدفونة في غابة في باريس، وهو شاب مغربي يبلغ من العمر 22 عاما سبق أن أدين عام 2021 بتهمة الاغتصاب.
بحسب مصادر قضائية، لم تستجب السلطات المغربية لطلبات متعددة من فرنسا للمصادقة على تصريح مرور قنصلي. لكن المغرب قال إن الطلب لم يصدر عن الجهاز المختص في فرنسا.
أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن سياسة الهجرة كما حدد معالمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تقوم على المسؤولية المشتركة، ومحاربة الأحكام الجاهزة والتعبئة ضد شبكات الاتجار في البشر، مؤكدا أن المملكة المغربية ليست في حاجة إلى دروس لتتلقاها، وتتحمل مسؤوليتها كاملة في مجال محاربة الهجرة غير النظامية.
وتابع وزير الخارجية المغربي “اذا كان المهاجر لا يرجع فليس بسبب المغرب بل بسبب تعقيدات عند الطرف الآخر” داعيا الى إيجاد حلول للثغرات في القوانين والاجراءات بحسب قوله.
وقال بوريطة أيضا إن هناك توجيهات واضحة للسلطات المغربية للعمل مع فرنسا واسبانيا لاعادة القاصرين الذين لا يرافقهم أهلهم معتبرا ان العراقيل لم تصدر عن المغرب انما عن اجراءات هاتين الدولتين.
وانتقد الوزير المغربي ايضا هؤلاء، في أوروبا، الذين يستخدمون الهجرة “لحسابات سياسية”.
الهجرة والحسابات سياسية
وأوضح بوريطة، خلال لقاء صحفي عقب مباحثاته مع رئيس حكومة إقليم جزر الكناري، فرناندو كلافيخو، أن المغرب يتصدى بقوة لظاهرة الهجرة، مسجلا أن ذلك يتطلب مقاربة متعددة الأبعاد تشمل مجموع العناصر المشجعة على انتشار هذه الظاهرة.
وبالنسبة للسيد بوريطة، فإن قضية الهجرة هي “مسؤولية مشتركة بين دول المصدر والعبور ودول الإقامة”.
وفي معرض تطرقه للحضور القوي لظاهرة الهجرة في وسائل الإعلام، ذكر السيد بوريطة بأن هذه الظاهرة تحتل حيزا مهما ضمن الأجندة السياسية الداخلية في عدد من البلدان الأوروبية، التي حولتها إلى “أصل تجاري شعبوي” من خلال خطاب يثير المخاوف.
وكان وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو قال في مطلع أكتوبر إنه يرغب في تمديد المهلة القصوى لاحتجاز مهاجرين في أوضاع غير قانونية وربط “سياسة تأشيرات الدخول بإصدار تصاريح المرور” القنصلية.
وأشار الى ان فرنسا “سخية جدا بدون مقابل” موضحا انه في 2023 منحت المغرب 238,750 تأشيرة دخول ولم تحصل سوى على “725 تصريح مرور”.
وبحسب ناصر بوريطة، فإن المغرب، وفي إطار سياسة الهجرة التي أعلن عنها جلالة الملك سنة 2013، سمح لـ 60 ألف مهاجر بالاستقرار في المملكة.
وفي سياق آخر، أكد السيد بوريطة استعداد المغرب لإرجاع أي مهاجر غير شرعي شريطة أن يكون مغربيا وانطلق من التراب المغربي، متسائلا حول ما إذا كان الطرف الآخر قادرا على أن يقوم بالمثل.
كما نوه بالتعاون المغربي-الإسباني في مجال الهجرة، واصفا إياه بالنموذجي على مستوى ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط.
وجدد التأكيد على أن هناك مسؤولية مشتركة بين المغرب وإسبانيا ورغبتهما في إيجاد حلول جذرية لهذه الظاهرة، من خلال قطع الطريق على شبكات الاتجار بالبشر، وتعزيز التشريعات التي تنظم مسألة الهجرة.
من جهته، أعرب السيد كلافيخو عن شكره وامتنانه للمملكة المغربية لجهودها المتواصلة من أجل محاربة الهجرة غير النظامية.
وقال “نحن واعون تماما بالضغط والمحيط الجيو-سياسي في منطقة الساحل. المغرب يساهم في الاستقرار والسلام ومحاربة جميع شبكات الاتجار بالبشر”.
وأبرز، في هذا الصدد، أن حكومة إقليم جزر الكناري عازمة على تعزيز روابط التعاون الثنائي، موضحا أن الوضوح والجدية والوفاء تشكل أسس علاقات التعاون بين جزر الكناري والمغرب.
الهجرة ليست “سيئة” بالضرورة
والسبت اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الهجرة ليست “سيئة” بالضرورة، في تصريحات بدت كرد مبطن على وزير داخليته الذي تعهد اتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة.
وقال رئيس الدولة خلال برنامج مخصص للفرنكوفونية أذيع السبت على إذاعة فرانس إنتر “هل الهجرة سيئة؟ الجواب هو كلا”.
وأضاف ماكرون في تصريحات مسجلة في الأول من أكتوبر، “هل الهجرة من القارة الإفريقية سيئة بشكل عام؟ في الواقع، ليس تماما”.
وأشار إلى أن القارة الإفريقية “تجني اليوم بفضل المساهمات الخاصة للمهاجرين إلى أوروبا ما يفوق مساعدات التنمية العامة التي يقدمها الأوروبيون”.
وأضاف ماكرون أن “كل هذا أكثر تعقيدا بكثير مما نريد الاعتراف به”، مشيرا إلى “التوتر الأخلاقي والسياسي” بشأن هذه القضية.
وشدد على أن الفرنسيين المولودين في الخارج ساهموا في جعل فرنسا أقوى.
وتابع الرئيس الفرنسي “هناك ملايين من حاملي الجنسية المزدوجة في بلادنا. وهناك على الأقل عدد مماثل من الفرنسيين من أصول مهاجرة”. وأكد ماكرون “هذه ثروة وهي مصدر قوة”.
واعتبر أن “الصعوبة في الوقت الراهن تكمن في كيفية تمكننا من مكافحة تجار البشر وشبكات الهجرة غير الشرعية”.
من جهته، اعتبر وزير الداخلية اليميني برونو ريتايو في 23 شتنبر أن “الهجرة الكثيفة ليست فرصة لفرنسا”.
كما أعلن نيته إعادة تجريم الإقامة غير القانونية، وتمديد المدة القصوى للإبقاء في مراكز احتجاز الأجانب في وضع غير نظامي إلى سبعة أشهر وتعزيز مراقبة الحدود.
وتحدث ماكرون عن حق اللجوء، قائلا إن من الضروري أن “يحافظ البلد المضيف على حسن ضيافته وأن يتم استقبال الأشخاص الذين يتم الترحيب بهم بشكل جيد، أي أن (يتسنى لهم) الحصول على الظروف المادية والتعليمية التي تمكنهم من بناء حياتهم”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...