عرفت سنة 2024 أحداثا كبيرة قادت مجموعة من المسؤولين والمؤثرين والشخصيات الاجتماعية إلى الوقوف أمام المحاكم المغربية، حيث تميزت السنة بأحكام رادعة في حق “صناع التفاهة”، ومحاكمة مسؤولين كبار ضمنهم وزراء سابقون، إضافة إلى انفراجة حقوقية بالتفاتة ملكية عانق خلالها مجموعة من الحقوقيين والصحافيين الحرية إثر أحكام سجنية أغلبها ثقيلة.
مبديع.. الوزير المثير للجدل
من أضخم الملفات في تاريخ القضاء المغربي، محاكمة الوزير السابق محمد مبديع الذي كان خلق تراند بتنظيمه حفل زفاف نجله بكلفة ملايير السنتيمات بطريقة وصفت بـ”الأسطورية”.
وتعقد غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بالجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، جلسات محاكمة الوزير السابق محمد مبديع، حيث يتابع على خلفية اختلالات مالية وتسييرية شهدتها مدينة الفقيه بن صالح أثناء فترة تسييره.
وكان مبديع قد أحيل أمام القضاء من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بعد التحقيقات المتواصلة على خلفية اتهامه بتبديد أموال عمومية والاغتناء غير المشروع وخرق قانون الصفقات العمومية، بناء على شكاية الجمعية المغربية لحماية المال العام. وجاء توقيف مبديع والاستماع إليه من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بعد نحو 3 سنوات من التحقيق في مضمون شكاية تقدمت به الجمعية المغربية لحماية المال العام فرع الدار البيضاء، أمام الوكيل العام تتهمه فيها بتبديد أموال عمومية والاغتناء غير المشروع وخرق قانون الصفقات العمومية، بناء على التقارير المتعلقة بالتدبير العمومي لبلدية الفقيه بن صالح، والتي تكشف العديد من الاختلالات المالية والقانونية والتدبيرية التي شابت تسيير بلدية الفقيه بن صالح في عهد مبديع.
النقيب زيان.. الوزير المحامي
تروج بغرفة الجرائم المالية لدى محكمة الاستئناف بالرباط محاكمة النقيب محمد زيان وزير حقوق الإنسان الأسبق المتابع في قضية تبديد أموال الدعم العمومي الموجه للأحزاب السياسية، بصفته الأمين العام السابق للحزب المغربي الحر، حيث يقضي عقوبة حكم ابتدائي في النازلة من 5 سنوات.
ويواجه النقيب زيان رفقة اثنين آخرين تهما تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية، والمشاركة في تلقي فائدة في مؤسسة يتولى إدارتها والإشراف عليها، كل حسب المنسوب إليه. وكان المكتب الحالي للحزب الليبرالي الحر وضع شكاية أمام النيابة العامة اتهم خلالها النقيب زيان بتبديد أموال الدعم العمومي المخصص للحزب، حيث أحيل الملف على قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالرباط، الذي قرر متابعة زيان في حالة اعتقال بينما قرر في ذات الصدد متابعة آخرين في حالة سراح.
ملف “إسكوبار الصحراء”
يظل ملف “إسكوبار الصحراء” المتابع على خلفيته سعيد الناصيري الرئيس السابق للوداد الرياضي ورئيس مجلس عمالة الدار البيضاء آنذاك، إلى جانب عبد النبي بعيوي الذي كان في تلك الفترة رئيس مجلس جهة الشرق، إحدى أبرز المحاكمات التي طبعت سنة 2024، حيث شدت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الأنظار إليها تقريبا كل يوم جمعة، للمضي قدما في القضية، والتي انتهت خلالها سنة 2024، والملف دخل للتو إلى مرحلة المناقشة بعد أن أنتهت مرحلة الدفوع الشكلية والطلبات الأولية وحسمت فيها المحكمة لتمر إلى المناقشة.
وجاء اعتقال الناصيري وبعيوي و23 آخرون على خلفية الفضيحة المزلزلة التي فجرتها إحدى الجرائد الأجنبية، من خلال ادعاءات المالي الحاج أحمد بن إبراهيم الملقب بـ”إسكوبار الصحراء”، والتي كشف خلالها علاقته بمسؤولين كبار بالمغرب ضمنهم الناصيري وبعيوي. قبل أن تنطلق التحقيقات من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ويحال الملف أمام المحكمة لتنطلق المحاكمة العلنية يوم الخميس 23 ماي الماضي.
طبيب الفقراء
في 3 ماي أسدلت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بالجرائم المالية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الستار على أحد أكثر الملفات متابعة لدى الأوساط الصحية والإعلامية، في قضية الدكتور التازي الملقب بـ”طبيب الفقراء”، وهو الملف الذي شهد متابعة استثنائية من الصحافة الوطنية والأجنبية، حيث كان التازي وزوجته وشقيقه وآخرون متابعون بالاتجار بالبشر.
وحسمت المحكمة الملف ابتدائيا بإدانة الدكتور التازي بثلاث سنوات حبسا نافذة في سنتين وموقوفة التنفيذ في سنة واحدة، كما أدانت زوجته مونية بنشقرون ب4 سنوات حبسا نافذا، بينما قضت بإدانة شقيقه عبد الرزاق والمساعدة الاجتماعية بنزاكور ب5 سنوات سجنا نافذا.
وقضت المحكمة ذاتها ببراءة الدكتور التازي ومن معه من تهمة الاتجار بالبشر.
ويتابع الدكتور التازي رفقة شقيقه وزوجته وخمس متهمين آخرين، ضمنهم سيدة واحدة في حالة سراح، بتهم تتعلق بـ”جناية الاتجار بالبشر تجاه طفل تقل سنه عن 18 سنة، والنصب، والمشاركة، والتزوير في محرر تجاري واستعماله، والمشاركة في صنع عن علم شهادة تتضمن وقائع مصطنعة غير صحيحة واستعمالها”. كل حسب المنسوب إليه.
بوعشرين والريسوني والراضي.. إفراج تاريخي
تميزت سنة 2024 بإفراج تاريخي على ألمع الصحافيين المغاربة القابعين في السجون بعد أحكام كبيرة ضمنهم متابعون بالاتجار بالبشر، بعد قرار من الملك محمد السادس، وهو القرار الذي لقي ترحيبا حقوقيا وطنيا ودوليا.
توفيق بوعشرين مالك جريدة “أخبار اليوم” والذي أدين ب15 سنة في المحاكمة الشهيرة عالميا، والذي قضى منها أزيد من 6 سنوات، وجد نفسه خارج أسوار السجن، رفقة الصحافي سليمان الريسوني رئيس تحرير “اخبار اليوم” الذي أدين بدوره ب5 سنوات بتهمة جنسية، إلى جانب عمر الراضي المحكوم ب6 سنوات.
كما شمل العفو الملكي نشطاء سياسيين وفيسبوكيين طالتهم مطرقة القاضي، كسعيدة العلمي ويوسف الحيرش والمدون رضا الطوجني.
ملاحقة “صناع التفاهة”
تجندت السلطات المغربية والنيابة العامة لملاحقة صناع التفاهة والتأثير على الشعب بنشر أشرطة فيديو ذات محتوى رديء ومخل بالحياء الأخلاقي والاجتماعي، حيث ضرب القضاء بيد من حديد أغلب المتابعين.
وإذا كان الستريمر إلياس الملكي قد لقي تعاطفا شعبيا رغم تهوره وتلفظه بعبارات نابية أحيانا في ظهوره المباشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، وإدانته في محاكم مدينة الجديدة في ملفين منفصلين ب3 أشهر نافذة وموقوفة التنفيذ، فإن شخصيات شهيرة على اليوتوب والتيكتوك والفيسبوك لقيت مصيرا أسودا، وتلقت أحكاما أكثر قوة وقساوة.
فقد شكل الملقب بـ”ولد الشينوية” الحدث بالمحكمة الابتدائية عين السبع بالدار البيضاء، أثناء محاكمته بسبب صراع مع عائلة من الجيران بفعل مشاكل بينهما، حيث أدانته المحكمة ب3 سنوات حبسا نافذا، فاسحا المجال أيضا لمحاكمة اليوتوبرز الشهيرة بلقب “هيام ستار” التي أدينت في نهاية السنة ب4 سنوات حبسا نافذا وإغلاق قناة اليوتوب الخاصة بها.
ولم يكن صاحبا أغنية “شر كبي أتاي” التي حققت مشاهدات خيالية على قناة اليوتوب، أوفر حظا، بعد أن دفعا ثمن الشهرة في أداء أغنية راب جريئة، حيث أدينا بسنتين حبسا لكل واحد منهما، قبل أن يشملهما العفو الملكي ليتنفسا هواء الحرية بعد شهور داخل السجن.
مومو.. فضيحة سرقة على الهواء
وفي يوليوز أدانت الهيئة الجنحية الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء محمد بوصفيحة الملقب بـ”مومو”في قضية سرقة هاتف على الهواء مباشرة في برنامج إذاعي، وهي المحاكمة التي أثارت لغطا كبيرا لكون “مومو” اتهم بالتواطئ مع مستمعين اتصل أحدهما ببرنامج مباشر وادعى أنه سرق منه الهاتف مباشرة، ما دفع “مومو” لاستدعائه إلى الاستوديو ومنحه هاتفا جديدا، قبل أن تكشف التحقيقات أن الأمر مفبرك بينهم، وتتم محاكمتهم في النازلة حيث أدين “مومو” ب4 أشهر حبسا.
وكانت شرطة الدار البيضاء تفاعلت مع اتصال هاتفي توصلت به محطة إذاعية خاصة، يتحدث عن ملابسات سرقة مزعومة وعن تقاعس مفترض من جانب مصالح الأمن، حيث تعاملت معه على أنه تبليغ عن جريمة حقيقية، وفتحت بشأنه بحثا قضائيا بغرض توقيف المشتبه فيهم وتحديد المسؤوليات القانونية اللازمة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...