في ظل الجدل المستمر حول مشروع القانون التنظيمي للإضراب، دعا خبراء ونقابيون إلى ضرورة التريث قبل إقرار هذا المشروع، مشددين على أهمية إخضاع النص لمراجعات معمقة لضمان توافق جميع الأطراف وتفادي الإشكالات القانونية المحتملة.
جاء ذلك خلال اجتماع لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، يوم الأربعاء 22 يناير 2025، الذي شهد مداخلات مكثفة من مختصين ومهنيين في القانون والنقابات.
نقاش مؤسسي لضمان التوازن
رئيس اللجنة عبد الرحمان الدريسي شدد على أهمية أن يؤدي المجلس دورا فعالا في صياغة المشروع التشريعي.
وأكد، أن الحكومة مطالبة بالتفاعل مع مقترحات التعديلات المقدمة من المجلس، بما يضمن قانونًا متوازنًا يراعي التركيبة الاجتماعية والمهنية للمجلس ويسد الثغرات القانونية التي قد تؤثر على تطبيقه.
وأشار إلى أن الهدف هو صياغة قانون تنظيمي يضمن استمرارية التطبيق لفترة طويلة ويكفل الحقوق القانونية لجميع الأطراف المعنية، مشددا على أهمية نقاش مثمر يغطي كافة الجوانب القانونية والاجتماعية.
تحفظات قانونية وإجرائية
علال البصراوي، نقيب المحامين السابق بخريبكة، أبدى ملاحظات تفصيلية حول المشروع، مشيرا إلى ضرورة استناده إلى المواثيق والقوانين الدولية لضمان شرعيته.
وانتقد القيود التي تفرضها النصوص الحالية، مثل طول الآجال المطلوبة لتنفيذ الإضراب وتعدد الجهات المطلوب إبلاغها، مما قد يؤدي إلى تعقيد ممارسة هذا الحق الأساسي.
وأوضح البصراوي، أن تعريف الإضراب يجب أن يظل مرنًا ولا يكون من اختصاص المشرّع وحده، بل يُترك للفقه والقضاء لتحديده وفق السياقات المختلفة.
كما لفت إلى أهمية دور مفتش الشغل، الذي يُعتبر حلقة وصل حيوية بين العمال وأرباب العمل، مطالبًا بإعادته إلى الواجهة لضمان التوازن بين الأطراف.
انتقادات للصياغة وضعف الديباجة
من جانبه، أكد محمد طارق، أستاذ وخبير في قانون الشغل، أن الصياغة الحالية لمشروع القانون تعاني من ضعف كبير على مستوى اللغة والبنية القانونية.
وأضاف أن السرعة في إحالة المشروع على مجلس المستشارين تثير شبهة ارتباطه بأجندات سياسية أو انتخابية، داعيًا إلى إعادة بناء النص بشكل شامل.
وأشار طارق إلى مواد مثيرة للجدل، مثل المادة 3، التي تمنع الإضراب حول تطبيق قوانين الشغل، معتبرًا ذلك تقييدًا للحقوق الأساسية، خاصة في قضايا مثل المطالبة بالحد الأدنى للأجور أو تسجيل العمال في صناديق الضمان الاجتماعي.
تحديات تنظيمية وهيكلية
كما أشار الخبراء إلى أن المشروع الحالي يحدّ من ممارسة الإضراب لفئات واسعة، في حين يعمم هذا الحق في قطاعات أخرى دون مراعاة خصوصياتها، مثل قطاعات وزارة الداخلية.
وانتقدوا عدم وجود مكاتب نقابية في العديد من المؤسسات، مشيرين إلى أن المادة 11 تجعل تأسيس هذه المكاتب شرطا أساسيا للإضراب، وهو ما قد يحد من قدرة العديد من العمال على الاحتجاج.
وفي ما يخص المرافق الحيوية، عبّر الحاضرون عن قلقهم من توسيع نطاقها ليشمل قطاعات عدة، مما يجعل الإضراب فيها شبه مستحيل.
مرحلة المشاورات المقبلة
مع اقتراب الحكومة من جولة جديدة من المشاورات مع النقابات، يأمل الخبراء أن تسهم هذه النقاشات في تحسين مشروع القانون ليحقق التوازن المطلوب بين حقوق العمال ومصالح المشغلين.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...