افتتح مجلس النواب، يومه الجمعة 11 أبريل الجاري، أشغال الدورة الثانية من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة.
وفي كلمة له بالمناسبة، أكد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النوابؤ على أن الفترة بين هذه الدورة والدورة المنصرمةء كانت مناسبة احتضن خلالها المجلس عددا من الأنشطة ذات الصلة بالعلاقات الخارجية، مشيرا إلى أن المجلس واصل خلالها الاضطلاع بمهامّه في ارتباط وتفاعل وتجاوب مع قضايا المجتمع، ومع ما يفرضه السياق الوطني من انشغالات وتحديات ورهانات.
وفي هذا الصدد، قال: “تلزمنا هذه الرهانات والتحديات، التي ينبغي أن يظل مجلس النواب في صلبها، بالاشتغال بمزيد من التصميم والمثابرة حتّى نجعل أعمالنا منتجة للأثر، وحتى تكون السياسات العمومية والإنفاق العمومي مُنْتِجَيْنِ للوقع الضروري على ظروف عيش المواطنات والمواطنين وعلى أداء المرافق العمومية وعلاقاتها بالمواطنين الذين ينبغي أن يلمسوا بأنهم في صلب هذه السياسات، وأنهم المستهدفون منها وذلك وفق إرادة ورؤية صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، الحريص دوما على حقوق الجميع، وعلى أن تكون للديموقراطية مردودية اقتصادية واجتماعية”.
وشدد العلمي على أن أعضاء مجلس النواب “مطالبون بمواصلة الحضور المنتج المتفاعل، وتقدير المسؤولية والأمانة التي نحن مُطَوَّقُونَ بها، على اختلاف مواقعنا في المعارضة والأغلبية، وعلى تنوع خَلْفِيَاتِنَا السياسية التي تظل، في النهاية، موحدة تحت سقف الوطن وفي خدمته، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا الوطنية الحيوية”.
وأضاف: “علينا أن نستحضر، دوما، مصالحنا الجيوسياسية والجيو-ستراتيجية في سياق الظروف الإقليمية والدولية المتسمة باللايقين، والمفاجآت، وحيث تتشكل معادلات جيوسياسية وجيو-اقتصادية جديدة يتخللها العديد من الصدمات”.
وتابع: “بالنظر لهذه الاعتبارات المستجدة، وغير المسبوقة، التي هي بصدد تغيير وجه العالم، وزيادة مظاهر التوتر والانشطار الذي يميز العلاقات الدولية حيث الترقبُ والحيرة ومزيد من التقاطب، هي السماتُ الغالبةُ على وضع عالمي عاجز، في الغالب الأعم على إنتاج مواقف، وبالأحرى إِعْمَالَ حلول، إزاء عدد من المعضلات الراهنة والمزمنة، يتعين علينا، جميعا معًا وسويًّا، أن نُعزز تماسكنا وتلاحمنا الوطني والحفاظ عل صفوفنا قوية مرصوصة”.
ويقتضي ذلك، وفق العلمي: “أن نعمل ما أمكن على أن نضع خلافاتِنا –وليس اختلافاتِنا التي هي أصل غنانا السياسي والثقافي- جانبا في هذه الظرفية الإقليمية والدولية الدقيقة”.
مضيفا: “نختلف في أننا نتوفر على الرافعات الضرورية للصمود، وتعزيز تموقعنا الإقليمي والقاري والدولي، وفي مقدمة ذلك تَرَسُّخُ مؤسساتنا ونموذجنا الديمقراطي، وعراقة وقوة الدولة المغربية، والتفاف مكونات الأمة حول مَلكيتنا العريقة التي تشكل لحمة ضامنة لاستمرار الأمة وقوتها”.
وأكد المتحدث، على أن مجلس النواب ينبغي أن يستحضر دوما “أن الحضور الناجح والناجع للدبلوماسية البرلمانية المغربية أساسه الرؤية الملكية الحصيفة والحكمة التي يقود بها صاحب الجلالة نصره الله الدبلوماسية الوطنية على النحو الذي يرسخ تَمَوْقُعَ المغربِ قًوةً صاعدةً وشريكًا في تدبير أهم القضايا الدولية”.
وفي السياق الدولي الراهن وفي ضوء تعاظم التحديات الدولية، أكد العلمي على أنه “ينبغي لنا أن نتمثل عددا من الاعتبارات، ونحن نمارس مهامنا على المستوى الخارجي، ويتعلق الأمر، أولا، بالحفاظ دوما على قضية وحدتنا الترابية متصدرة اهتماماتنا ومواقفنا، ومعاركنا الدبلوماسية، والاقتداء في ذلك بالرؤية الملكية وعمل الدبلوماسية الوطنية، وأن نستحضر دوما النطقَ الملكي السامي المتمثل في كون “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”، ويتعلق الأمر، ثانيا، بكون الحاجة إلى العمل الدبلوماسي وكثافته ستزداد في ضوء التحولات الكبرى في السياسة العالمية والعلاقات الدولية، وفي ضوء تموجات المحاور والأحلاف الدولية، حيث سيكون على البرلمانات أن تقرب وجهات النظر وتعمل من أجل الوفاق الدولي، ويتعلق الأمر، ثالثا، بكون التحديات الدولية، بما في ذلك النزاعات والتطرف العنيف، والاختلالات المناخية، والهجرات والنزوح والصراعات على المياه و على مصادر الغذاء ستتعاظم. وإزاء كل ذلك ينبغي أن نكون يقظين مواكبين للدبلوماسية الوطنية ومدافعين عن مصالح بلادنا والتعريف بإمكانياتها واسهاماتها الدولية في مواجهة هذه المعضلات الكونية”.
أمام كل ذلك، يضيف المسؤول: “يتعين علينا مزيدا من الحضور المؤثر والتسلح بِعُدَّةِ الإلمام بالملفات، والصمود في وجه الأكاذيب وفي وجه تزوير التاريخ وفضح السردية التي ما يزال خصوم الوحدة الترابية يتوهمونها ويروجونها للغايات التي أصبحت مكشوفة للجميع. وإننا لنعتز بأننا نستند في ذلك إلى الشرعية التاريخية والقانونية، والدبلوماسية والسياسية، وإلى ما تحقق على الأرض من اندماج لأقاليمنا الجنوبية في حظيرة الوطن الأم بفضل المشاريع الإنمائية المهيكلة المنجزة، وتلك الجاري إنجازها، وبفضل وطنية سكان أقاليمنا الجنوبية وتعبئتهم المتواصلة للدفاع عن الوحدة الترابية، وأيضا بفضل يقظة وَمِهَنِيَّةِ وبَسَالَةِ القوات المسلحة الملكية المدافعة عن حدود الوطن. فإلى هذه القوات وقائدها الأعلى ورئيس أركان حربها العامة صاحب الجلالة أعزه الله، كل الامتنان والتحية والتقدير”.
كما أشار إلى أن “التركيز على قضايانا الوطنية لم يُثْنِنَا عن الانشغال بالقضايا التي تهم المجموعة الدولية والإشكالات الجديدة التي تواجهها، وفي مقدمتها السلم والعدل الدوليان”.
وفي هذا الصدد، قال: “حَرَصْنَا في مختلف المنتديات البرلمانية على تجديد التضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق في مواجهة القتل والحصار والتجويع، والتّذكير بدعم المملكة المغربية لعدالة قضية الشعب الفلسطيني بقيادة سلطته الوطنية ومؤسساته الشرعية، وبالدور الذي تضطلع به لجنة القدس برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وذراعها الاجتماعي والإنساني، بيت مال القدس، في دعم الوجود الفلسطيني”.
واختتم العلمي كلمته بالتأكيد على أن “برنامج عمل هذه الدورة سيكون غنيا، إذ ستَفرض علينا الأجندات الوطنية والرهانات التي تتوخى بلادنا تحقيقها، مزيدا من التعبئة، والحضور المنتج، وجعل المؤسسة، كما كانت دائما، إطارا وفضاء لمناقشة القضايا الكبرى والعمل على إنضاج واقتراح الحلول من موقعنا الدستوري والمؤسساتي في تكامل وتعاون مع باقي المؤسسات”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...