اعتبر رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بنعليلو، إن الفساد في المنظومة الصحية لا يُساهم فقط في إضعاف ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة فحسب، بل يقوّض أيضا القدرة الجماعية على تحقيق التغطية الصحية الشاملة، ويُهدد الأمن الصحي الوطني.
وفي كلمته الافتتاحية لورشة عمل حول “مخاطر الفساد في قطاع الصحة، سلسلة القيمة الخاصة بالمنتجات الطبية والقطاع الطبي الخاص “، المنعقدة اليوم الثلاثاء، أكد بنعليلو أن”الفساد الصحي ليس دائمًا نتيجة فردية لسوء السلوك، بل هو أيضًا انعكاس لما تسميه منظمة الصحة العالمية “هشاشة النظم”، بتجلياتها المعروفة المتمثلة في ضعف الحوكمة، وغياب الشفافية في تدبير المشتريات، وضعف آليات المراقبة، وأحيانا تضارب المصالح في التنظيم الصحي”.
وفي هذا الصدد، أشار إلى الدراسة المسحية التي قامت بها الهيئة، حيث أكد على أنها أظهرت أن الصحة تمثل مطلبا وانشغالا رئيسيين لنسبة معتبرة من المواطنين، وأن هذه المطالب تصطدم في كثير من الأحيان بعوائق الرشوة، وضعف الجودة، وتداخل المصالح، والتمييز الخفي في الولوج للعلاج.
وفيما يخص محور اللقاء، قال المتحدث أنه سيكون له انعكاس مباشر على الإدراك العام لموضوع الفساد، حيث أشار إلى أن هذه الورشة التكوينية، ستساهم في تهييء المجال لبسط موضوع “خارطة مخاطر الفساد في قطاع الصحة”، من زاوية أكثر علمية وموضوعية.
وشدد على أن هذه الخارطة تنطلق من مجالين مركزيين، أولهما يتعلق بسلسلة القيمة الخاصة بالأدوية والمنتجات الطبية، حيث تظل مخاطر التلاعب والتزوير والمحسوبية والفساد قائمة رغم كل المجهودات المبذولة، وثانيهما يرتبط بالقطاع الصحي الخاص، الذي تطور بشكل مهم للغاية غير أن بعض الثغرات التنظيمية ومحدودية آليات المراقبة خلقت بيئة مواتية أحيانا لنشوء بعض الممارسات غير النزيهة مثل الفوترة الوهمية، والتدخلات غير الضرورية.
كما أكد ذات المسؤول على أن الهدف من هذه الخارطة “ليس فقط علميًا أو تقنيًا، بقدر ما هو مشروع للدفاع عن الأمن الصحي للمواطن المغربي، وعن ثقته في مؤسسات بلده. وهو ما يجعل من هذه الدورة التكوينية محطة تأسيسية لوعي جماعي جديد، يُحملنا جميعًا – دولة، ومجتمعًا، ومهنيين، وباحثين – مسؤولية مضاعفة في جعل النزاهة الطبية والصحية، ركيزة من ركائز العدالة الاجتماعية”.
وأوضح بنعليلو أن الأمر لا يتعلق ببناء خريطة لمخاطر الفساد، بل السعي نحو بناء مناعة مؤسساتية طويلة المدى، حيث قال: “كما أن الجسد يواجه الفيروسات بمناعة بيولوجية، فإن النظام الصحي يواجه الفساد بمناعة سياسية، مؤسساتية، تشاركية”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...