تفجرت مجددا أزمة إنسانية حادة داخل مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف جنوب غرب الجزائر، بعد أن أظهرت تقارير أممية ودراسات أكاديمية مؤشرات صادمة لانهيار الأوضاع الصحية والغذائية، وسط صمت دولي مقلق وتزايد الاتهامات بالفساد والاتجار بالمساعدات.
وسجلت دراسة ميدانية أنجزتها جامعة لندن UCL بالتعاون مع وكالات أممية، مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية الحاد وسط الأطفال، بلغت 13.6%، في أعلى نسبة يتم رصدها منذ أكثر من عقد، وهو ما تعتبره منظمة الصحة العالمية مؤشرا حرجا يستدعي استجابة فورية.
وتظهر نفس الدراسة، أن واحدا من كل ثلاثة أطفال يعاني من تأخر في النمو بسبب نقص التغذية طويل الأمد، في حين يعاني قرابة ثلثي النساء في سن الإنجاب من فقر دم حاد، وهي النسبة نفسها المسجلة لدى الأطفال، بينما لا يتوفر الحد الأدنى من الغذاء سوى لربع العائلات في هذه المخيمات المعزولة. وفي نداء إنساني عاجل، حذرت سافينا أماساري، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في الجزائر، من أن الوضع يزداد تدهورا، قائلة: “لم نشهد هذا المستوى من الخطورة منذ أكثر من عشر سنوات. الأطفال يموتون بصمت بطيء ما لم يتدخل على الفور.”
ورغم التدفق المستمر للمساعدات الدولية، فإن تقارير عدة أعادت تسليط الضوء على اتهامات قديمة موجهة إلى الجزائر وجبهة البوليساريو بتورطهما في تحويل كميات ضخمة من هذه المساعدات إلى السوق السوداء، ضمن شبكات اتجار منظمة مدعومة من جهات رسمية، ما يفرغ الدعم الإنساني من أثره ويزيد من تفاقم الكارثة.
وكان البرلمان الأوروبي قد وثق منذ 2015 أنماطا ممنهجة في التلاعب بالإمدادات الغذائية، وهو ما لا تزال التقارير الأممية الحديثة تلمح إليه ضمنيا عبر الإشارة إلى اختفاء الأثر الميداني للتمويلات المحدودة المرصودة.
وبينما حددت خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لعام 2025 الحاجة إلى 103.9 ملايين دولار لمواجهة الأزمة في مخيمات تندوف، لم يتم جمع سوى 34% من هذا المبلغ حتى الآن. ومع ذلك، تزداد الشكوك حول مصير حتى هذه الأموال الشحيحة، في ظل غياب آليات شفافة للتتبع والمراقبة.
ومع انعدام أي أفق للحل واستمرار توظيف المساعدات الدولية في صراعات سياسية وإقليمية، تبقى حياة عشرات الآلاف من النساء والأطفال معلقة على خيط رفيع، في مأساة يطيل عمرها الصمت الدولي ويحولها من أزمة إنسانية إلى ملف مُهمل على هامش الضمير العالمي.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...