تابعونا على:
شريط الأخبار
الهند تتهم باكستان بخرق قرار وقف إطلاق النار فر من سلك الجندية.. “ضابط عسكري” مزيف يقع في قبضة درك تادلة جماهير الوداد تشن حملة للمطالبة بـ “العدالة للناصيري” جمعية هيئات المحامين تدعو إلى مواجهة حملات التشويش عليها اتفاق فوري لوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بوساطة أميركية ألف تذكرة لجمهور اتحاد طنجة أمام الدفاع الحسني الجديدي التوفيق ووزير الشؤون الإسلامية السعودي يفتتحان معرض جسور بمراكش مصرع 6 أشخاص في حادثة سير بين مدينتي الرباط وفاس حريق مهول يلتهم منطقة صناعية بسطات وحساة تستفسر بن يحيى عن وضعية مستخدمي دور الطالب ببني ملال “الشركة العامة” تدخل مرحلة جديدة 400 مليون لانتقال نجم الرجاء لليبيا تصعيد خطير بين الهند وباكستان بعد تبادل هجمات عسكرية عبر الحدود حمدالله يكشف عن طموحه وسبب مغادرته النصر المنتخب المغربي يلاقي سيراليون في ربع نهائي “كان” تحت 20 سنة الأساتذة المبرزون يقررون تصعيد احتجاجاتهم مدافع سينغالي لتعويض حركاس بالوداد البواري يؤكد أهمية التعاون بين المغرب وموريتانيا في الفلاحة والصيد البحري 40 مليونا تتسبب في عقوبة جديدة للوداد مطالب بصرف تعويضات الحراسة للأطر التمريضية

كتاب و رأي

الحوار أولا و أخيرا

08 يونيو 2020 - 12:32

بقلم عبد العالي بن مبارك بطل

يؤكد جل المؤرخين والمفكرين والمهتمين بالشأن الاجتماعي أن الحوار من أهم أدوات التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي التي تتطلبها الحياة في الحضارة الحالية والمجتمع المعاصر. والحوار مفهوم قديم يعود به المختصون إلي ما قبل عصر الفلاسفة اليونانيين القدامى الذين اعتمدوا علي الحوار وأضفوا عليه أنماطا وآليات جديدة.
وفي الأديان خبرات حوارية مهمة، وفي الكتب السماوية تسجيل لقصص وحوارات تؤكد علي أهميته ودوره في المجتمع. حيث خلق الله تعالى الإنسان، وكرّمه عن باقي المخلوقات، وميزه بالعقل والإرادة، وعليه يكون جزاؤه في الآخرة، وجعل الإنسان ذكراً وأنثى، واستخلفه في الأرض لعِمارَتِها، وتكوين مجتمعاتٍ يسودها العدل والخير، ولتحقيق ذلك كان لا بد من تعارف البشر وتعايشهم معا، يقول الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) فلا يمكن أن يُعمِّر الإنسان الأرض وينشِىء المجتمعات إلا عن طريق تفاعله الإيجابي مع الآخرين، ومن الأساليب الفعَّالة في بناء العلاقات بين البشر “الحوار”، نظرا لأهميته باعتباره آلية مثلى لاستجلاء الحقائق وهو ضرورة وغاية في ذاته تحاشيا لصور متباينة من العنف سواء كان عنفا ماديا أو لفظيا تمارسه ماكينة الدولة ذاتها في مواجهة شعوبها، أو الجماعات أو الثقافات المتنوعة ضد بعضها البعض، بالإضافة للصور التقليدية للعنف المتعارف عليها في النزاعات بين الدول، والتي تحكم آلياتها التطور العلمي والتكنولوجي.
لكن السؤال المطروح هو كيف يمكن تطوير مفهوم الحوار وآلياته حتى يتناسب مع المتغيرات الآنية محليا وإقليميا ودوليا؟ وما دور الحوار في حماية وتطوير الشعوب والمواطنين والحد من تنامي الكراهية والعنصرية لديها؟ وهل إذا كان الشرطي الأمريكي الذي قتل مواطنه جورد فلويد قد أحسن الاستماع واخلص لفكرة الحوار مع ضحيته ما تطورت الأحداث لما عليه الآن؟
وللجواب على هذه التساؤلات نجد أن المفكرين حرصوا على وضع كتب علمية قيمة حول موضوع الحوار وتشعباته الحضارية العرقية والثقافية والدينية والسياسية والاقتصادية. الهدف منها التهيؤ له بشكل ايجابي، لأن مجرد وجود ثقافات وحضارات مختلفة يحمل في طياته نذر الصراع. وهذه فكرة قديمة أرساها عالم السياسات المقارنة التشيكي الأمريكي كارل دويتش Karl Wolfgang Deutsch عندما دعا إلى الفصل التام بين الجماعات العرقية والدينية واللغوية المتباينة إذا تعذر التوفيق بينها والوصول بها إلى قبول الحلول الوسطى والربط بين الاتصال وتحقيق الاندماج بين المجتمعات السياسية باعتبار أن الأقطاب أو الدول ليست إلا حشودا من الأفراد، والارتفاع المفاجئ في المشاعر الوطنية راجع إلى حد كبير إلى ظاهرة كراهية الأجانب، فحسب قوله إن الأمة مجموعة من الناس يربط بينهم خطأ شائع حول أصولهم وكراهية مشتركة لجيرانهم.
فالأوقات العصيبة تحفز على البحث عن كبش فداء، ومن الواضح أن الأجانب هدف مغرٍ دائما وإذا كان ” كارل دويتش ” صاغ فكرته تلك بنوع من الاعتدال وعلى مستوى وحدة التحليل المعروفة بالدولة القومية ” Etat Nation ” فان عالم السياسات المقارنة الذي تحول خلال سنوات التسعينات إلى عالم علاقات دولية الأمريكي “صمويل هنتنجتون Samuel P. Huntington” – والذي يعتبر من اكبر علماء السياسة في النصف الثاني من القرن العشرين حسب جامعة هافارد- قد غير وحدة تحليله الأثيرة لديه من مستوى المؤسسة ” Institution ” قافزا فوق الدولة القومية إلى مستوى الحضارات العالمية وأصبحت الحضارة هي وحدها وحدة التحليل المعتمدة عنده وصار لديه حضارة وحيدة هي الجديرة بالبقاء بسبب سموها على الحضارات العالمية السبع او الثماني الأخرى من جميع النواحي. ومنذ أن نشر نظريته الخطيرة عن صراع الحضارات وهو لا يضيع أدنى فرصة ليثبت تفوق الحضارة الغربية على الحضارات الأخرى منها العربية والكنفوشية “هي مجموعة من المعتقدات والمبادئ في الفلسفة الصينية” على الخصوص. على الرغم من انه ليس مؤرخا كالمؤرخ البريطاني ” ارنولد توينبي Arnold Toynbee” ولا عالم اجتماع ضليع كالألماني “ماكسيميليان كارل إميل فيبر Maximilian Carl Emil Weber ” ، ولذلك فهو ينزلق في بعض الأخطاء المتوالية كاعتباره أن ” العرب والصينيين والغربيين ليسوا جزءا من أي كيان حضاري أوسع”. وهذا خطأ لأن العرب جزء من الحضارة الإسلامية، التي هي الوحدة الكبرى، ولا يوجد شيء يسمى بالحضارة العربية بمعزل عن الحضارة والثقافة الإسلامية ولا شك أنه أصدر تعميماته وإداناته غير المتحفظة بدون أن يجري دراسة تفصيلية لتاريخ الحضارتين اللتين يشهد لهما كبار المؤرخين المحايدين بأنهما كانتا حضارتين مسالمتين إلى أقصى حدود المسالمة، وخير دليل على هذا حوار الحضارة الإسلامية الدائم مع أصحاب الأديان الأخر كما هو مسجل في العديد من آيات القرآن الكريم ومنها قوله تعالي ” قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله” وقوله تعالي” يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون” وكذا مواقف وتحاور النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع أحبار اليهود والنصارى سواء في مكة أو المدينة وهي عديدة، إضافة أن القرآن الكريم تقريبا جله جاء برهانا وجوابا على أسئلة اليهود والنصارى للنبي صلى الله عليه وسلم.
لذا فالحوار هو تبادل المعلومات والأفكار والآراء سواء أكانت تبادلا رسميا أو غير رسمي مكتوبا أو شفويا وغير مقصود به المجابهة والإفحام. وينعقد الحوار بمجرد التعرف على وجهات نظر وأطروحات الآخرين وحججهم وتأملها وتقويمها والتعليق عليها وتعريف الطرف الآخر بما يغيب عنه أو يلتبس عليه ببراهين خلال عملية التبادل. وبهذا الفهم يمكن أن يطلق الحوار على عملية تلاقح الثقافات بين بعضها البعض وما يحصل من جراء ذلك من التلاقح والتصويب والتأثير المتبادل. فما أكثر ما يحمل الواحد منا فكرة سلبية عن فرد آخر يكون الدافع الوحيد لها هو عدم الحوار مع الآخر بسبب تنوع عرقه وجنسه ولونه ولغته ودينه او معرفته معرفة قريبة وثيقة أكيدة ولكن سرعان ما تنجلي غشاوة ذلك التحيز بمجرد أن يتم الحوار والتعارف الوثيق معه. وفي القران الكريم آيات كثيرة تؤكد عدم جواز احتقار الآخرين لمجرد الاختلاف معهم وخير ذليل على ذلك حوار الله سبحانه وتعالي مع الملائكة في خلق ادم انظروا لهذا التواضع الإلهي، الله خالق الكون يخاطب ويحاور ما خلقه هو بدون تكبر وهو الكبير المتعالي والهدف من ذلك الحوار هو بلوغ المقصد الالهي ” واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون” وهذا ما تم الاخذ به والتركيز عليه في ثقافة وعادات الحضارة الإسلامية.
ولعل خير ما يمكن أن يستخلص من ذلك هو أن التنوع في الحوار هو أداة خصوبة واغناء مثلما عبر عن ذلك المفكر الاجتماعي “Scott Peck” حيث قال ” ان الرسالة الإجمالية للتواصل والحوار الإنساني تتلخص أو ينبغي أن تتلخص في البلوغ إلى التصالح… إن التواصل والحوار الكفء يستطيع أن يصل في النهاية إلى تحقيق أو إزالة الجدران التي تؤدي إلى سوء الفهم الذي يبعد البشر عن يعضهم البعض”. وهذا المعنى أكده الإسلام وكتاب الله الكريم في طلب الحوار مع الآخرين حوارا رفيعا مهذبا كما قال الله تعالي ” ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن” ” ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم”. لكن الحوار غير المنضبط بشروط الحوار وآدابه قد يتحول إلى فتنة وصدام، علما بأن ليس كل حوار مرشحا لذلك المآل بالتأكيد ما دام هناك أخذ بشروط الحوار الصحيح غير الملتزم بالآداب، لذا نرى أنه من أهم مؤهلات المحاور الناجح والتي يجب والتي وجب على الفرد كيفما كان الأخذ بها هي (الحوار بالحسنى- التثبت وضبط الأعصاب – العلم بالقواعد والأدلة – العلم بموضوع الحوار وأساسياته وتفاصيله – الجهر بالحق وعدم التغاضي عن الحقائق والخلافات بحيث ينبغي ألا يؤدي إلى المداهنة والدبلوماسية – حسن ترتيب منهجية الأفكار – استخدام المسلمات الأولى التي يتفق عليها الناس ومنطق البداهة – السيطرة على لغة الحوار والألفاظ والتعابير – الالتزام بموضوع الحوار وعدم الخروج عليه – مناقشة المسائل حسب أهميتها – تلطيف أجواء الحوار خلال النقاش – حسن الاستماع وأخيرا عدم التسرع) وفقنا الله لنكون من أصحاب هذا الخصال جمعاء لنكون قدوة لإعداد الأجيال القادمة قادرة على التحاور البناء والهادف. والتي ربما لن تقع في ما وقع فيه ذلك الشرطي الأمريكي الذي قتل بدم بارد مواطنه جوج فلويد ، فقط لو انه أحسن الاستماع واخلص لفكرة الحوار .
المراجع

  • القران الكريم
  • Karl Wolfgang Deutsch تحليل العلاقات الدولية
  • Samuel P. Huntington صدام الحظارات اعادة صنع النظام العالمي
  • حوار أهل الديانات والثقافات – احمد سيف الدين تركستاني
  • آداب الحوار والمناظرة – علي جريشة- دار الوفاء

تابعوا آخر الأخبار من انباء تيفي على Google News

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

سياسة

البواري يؤكد أهمية التعاون بين المغرب وموريتانيا في الفلاحة والصيد البحري

للمزيد من التفاصيل...

العلمي: العمق الإفريقي المشترك مجال فريد للشراكة المغربية الموريتانية

للمزيد من التفاصيل...

أخبار العالم

الهند تتهم باكستان بخرق قرار وقف إطلاق النار

للمزيد من التفاصيل...

اتفاق فوري لوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بوساطة أميركية

للمزيد من التفاصيل...

مال و أعمال

“الشركة العامة” تدخل مرحلة جديدة

للمزيد من التفاصيل...

كوسومار: نحو إنتاج محلي يناهز 600 ألف طن من السكر في 2026

للمزيد من التفاصيل...

أخر المستجدات

الهند تتهم باكستان بخرق قرار وقف إطلاق النار

للمزيد من التفاصيل...

فر من سلك الجندية.. “ضابط عسكري” مزيف يقع في قبضة درك تادلة

للمزيد من التفاصيل...

جماهير الوداد تشن حملة للمطالبة بـ “العدالة للناصيري”

للمزيد من التفاصيل...

جمعية هيئات المحامين تدعو إلى مواجهة حملات التشويش عليها

للمزيد من التفاصيل...

اتفاق فوري لوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بوساطة أميركية

للمزيد من التفاصيل...

ألف تذكرة لجمهور اتحاد طنجة أمام الدفاع الحسني الجديدي

للمزيد من التفاصيل...

التوفيق ووزير الشؤون الإسلامية السعودي يفتتحان معرض جسور بمراكش

للمزيد من التفاصيل...

مصرع 6 أشخاص في حادثة سير بين مدينتي الرباط وفاس

للمزيد من التفاصيل...