يرى محللون أن حماس تريد فرض نفسها في المعادلة الفلسطينية عبر الصواريخ التي تطلقها على اسرائيل، في حين تسعى هذه الأخيرة الى القضاء تماما على نفوذ الحركة الاسلامية عبر قصف بناها العسكرية في قطاع غزة.
تدهور الوضع بين الطرفين في اقل من اسبوع. فالمواجهات بين المتظاهرين الفلسطينيين وقوات الامن الاسرائيلية في باحات المسجد الاقصى في القدس الشرقية المحتلة اشعلت فتيل الحرب بين اسرائيل وحماس في قطاع غزة، في موازاة توتر بين اليهود والعرب في المدن المختلطة داخل اسرائيل وكذلك صدامات في الضفة الغربية المحتلة. وواجه فلسطينيون ينددون باحتلال اسرائيل للقدس الشرقية منذ 1967، الشرطة الاسرائيلية في الحرم القدسي الذي كان يستقبل يوميا خلال شهر رمضان عشرات آلاف المسلمين، في حين يشير إليه اليهود على أنه جبل الهيكل حيث موقع المعبدين من عهد التوراة ويعتبر أكثر الأماكن الدينية قدسية لديهم. واسفرت هذه المواجهات في القدس الشرقية عن اكثر من 900 جريح فلسطيني نهاية الاسبوع الفائت. والاثنين، في ذروة التوتر، حددت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة مهلة لاسرائيل لسحب قواتها من باحات الاقصى. وما ان انتهت هذه المهلة حتى أطلقت الحركة مئات الصواريخ على اسرائيل وصولا الى القدس. وسرعان ما ردت السلطات الاسرائيلية ليتحول الامر تصعيدا عسكريا داميا اسفر عن اكثر من مئة قتيل معظمهم من الفلسطينيين وبينهم عشرات الاطفال.
والسؤال: ماذا يريد كل من حماس واسرائيل من ذلك؟
تقول ليلى سورات الباحثة المشاركة في مرصد العالمين العربي والاسلامي في جامعة بروكسل الحرة إن “حماس تحاول ان تتموضع بوصفها حامية للفلسطينيين وقبل كل شيء للقدس، وهو أمر جديد نسبيا مقارنة بما كان عليه المشهد سابقا”. وتضيف لفرانس برس “من الواضح أن حماس تحاول احراج محمود عباس الضعيف اصلا والذي ارجأ الانتخابات. ولكن في ما يتجاوز ذلك، تشعر الحركة بان هناك امورا تتطور من وجهة نظر فلسطينية”. في الاشهر الاخيرة، توافقت حماس التي تسيطر على قطاع غزة وحركة فتح بزعامة عباس الذي مقره في رام الله بالضفة الغربية المحتلة على خارطة طريق للمصالحة بعد انقسام استمر أكثر من عقد.
ومحور هذه المصالحة اجراء انتخابات كانت مقررة في ماي. لكن عباس ارجأ الاستحقاق لان اسرائيل التي تسيطر على القدس الشرقية لم توافق على إشراك الفلسطينيين من سكانها فيه. ولم تخف حماس استياءها من قراره وخصوصا انها كانت تعول على الانتخابات لمعاودة اكتساب شرعيتها. وتزامن ذلك مع تنظيم تظاهرات في القدس. وتوضح سورات أن حماس “لم تقف وراء هذا الحراك” بل حاولت “استغلاله”، وقد “استخدمت الاداة العسكرية لتكون في صلب حماية فلسطينيي القدس”. من الهجمات الصاروخية الاولى، بادر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو المهدد بخسارة الحكم لحساب ائتلاف ممكن بين المعارضة والاحزاب العربية، الى اتهام حماس بأنها تجاوزت “خطا احمر”. ولم يكتف الجيش برد محدود على جاري عادته، بل قصف قطاع غزة الذي تحاصره اسرائيل من دون هوادة. وفي رأي ياكوف اميدرور مستشار الامن القومي السابق لنتانياهو أن “على اسرائيل ان تظهر لحماس انها لا تستطيع إملاء شيء عليها”. وبناء عليه، على اسرائيل “الا تكتفي بتدمير قدرات (حماس) وبناها” بل ان “تقتل” قادتها.
ويضيف “الجهود (قائمة) لقتل أكبر عدد من عناصر حماس وخصوصا الخبراء التقنيين” في الصواريخ والطائرات المسيرة وفي هذا السياق، استهدف الجيش الاسرائيلي هذا الاسبوع عددا من القادة والمهندسين والمتخصصين في صنع الصواريخ وفي الاستخبارات المعلوماتية والطائرات المسيرة الصغيرة. ويقول مصدر عسكري اسرائيلي إن “هذا الامر له تأثير بعيد المدى على قدرة الحركة على انتاج اسلحة”. اسفرت دوامة العنف عن مقتل اكثر من مئة شخص في غزة بينهم اطفال، فيما قتل تسعة اشخاص في اسرائيل حيث اعترضت منظومة “القبة الحديدية” غالبية الصواريخ التي اطلقتها حماس، بحسب الجيش. ويبدو ان هذه المنظومة تمنح الجيش وقتا لتنفيذ مهمته. ويتوقع اميدرور أن “يستغرق ذلك ما بين عشرة وخمسين يوما (…) في النهاية، كل ما يرمز الى حماس بوصفها حكومة سيتم تدميره”. ويرى ناجي شراب استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاسلامية في غزة أن اسرائيل تسعى الى “اضعاف” حماس و”تعزيز” الانقسام بين الفصائل الفلسطينية. لكنه يلفت الى “انها لعبة خطيرة، لان الانتفاضة قد تمتد الى الضفة الغربية وتنهي السلطة الفلسطينية” التي يترأسها عباس، ما يعني إغراق الفلسطينيين في مجهول اضافي.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...