أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في إطار إحالة ذاتية، تقريرا حول موضوع الحوار الاجتماعي.
وأفاد التقرير أن العديد من الفاعلين أجمعوا، في إطار جلسات الإنصات، حول موضوع هذا الرأي، الذي صدر تحت عنوان: “نحو جيل جديد من الحوار الاجتماعي بالمغرب: أرضية للنقاش”، على أن “فقدان الثقة بين الأطراف يعتبر من أهم أسباب تعثر الحوار الاجتماعي”.
وحسب رأي المجلس، الذي صدر في العدد الأخير للجريدة الرسمية، فإن إشكالية الثقة تتجاوز حدود عالم الشغل، إذ إنها قضية مجتمعية، تحتاج إلى تحليل أسبابها بشكل أوسع، وإلى تضافر جهود كافة مؤسسات التنشئة الاجتماعية، ومساهمة مختلف الفعاليات والقوى الحية لعادة بنائها وترسيخها في منظومة قيم المجتمع.
وانتقد التقرير تركيز مواضيع الحوار الاجتماعي في المفاوضات حول الأجور، معتبرا المقاربة التي وصفها بـ الضيقة” لا تستقيم مع مفهوم الديموقراطية التشاركية، الذي ينبغي أن يستحضره الحوار، والذي يحث على المشاركة المواطنة الواسعة في قضايا التنمية عموما.
أما فيما يتعلق بالتمثيلية، فيرى التقرير أن الحوار الاجتماعي يطرح تحديات وإشكالات حقيقية فيما يخص هذا الموضوع، مشيرا إلى أنه “إذا اقتصرنا على الشكل المهيمن على الحوار الاجتماعي بالمغرب، أي الحوار الاجتماعي الوطني الثلاثي الأطراف، سنقف ولا شك على بعض المفارقات. فالنسيج الاقتصادي الوطني يشمل فئات واسعة من المشغلين مستبعدة من الحوار الاجتماعي وليست لها تمثيل في الحوار الاجتماعي الوطني الثلاثي الأطراف، كالقطاع الفلاحي والمقاولات الصغيرة جدا وقطاع الحرفيين والمهنيين والقطاع غير المنظم”.
وسجل التقرير ذاته ضعف الحوار الاجتماعي القطاعي والترابي، مبرزا في هذا السياق أنه في الوقت الذي كرست فيه التجربة المغربية في مجال الحوار الاجتماعي شكل الحوار الاجتماعي الوطني الثلاثي، الأطراف الذي يجمع الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والنقابات الأكثر تمثيلية، فإن الحوار الاجتماعي القطاعي يكاد يكون شبه غائب، سواء في القطاعات العمومية أو في القطاع الخاص.
وفي تقييمه لمسار الحوار الاجتماعي الوطني الثلاثي الأطراف، الذي انطلق في منتصف التسعينيات، سجل التقرير أن هذا الحوار حقق عددا من المكتسبات على 25 سنة، من أبرزها تكريس ممارسة الحريات النقابية، وإصدار مدونة الشغل، وتوسيع الاستفادة من الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والزيادة في الأجور، وتحسين شروط الترقي في القطاع العام، والزيادة في الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص”.
بالمقابل، عدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عددا من نواقص التي عرفها هذا الحوار، مبرزا في هذا السياق أن الحوار الاجتماعي الوطني الثلاثي الأطراف يظل مقرونا بالظرفية السياسية، لا حوارا ممأسسا ومنتظما، بالإضافة إلى غياب التنسيق مع المؤسسات والهيئات الاستشارية والتقريرية المعنية بالحوار الاجتماعي، ومع الأشكال الأخرى من الحوار الاجتماعي، وغياب تمثيلية فئات واسعة من المشغلين ومن الأجراء، وتركيز جدول أعمال الحوار على القضايا المتعلقة بالأجور، وعدم تنفيذ الالتزامات والمقتضيات الواردة في بعض الاتفاقيات.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...