في أول زيارة له لأوروبا منذ اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، يتناول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان العشاء الخميس مع الرئيس الفرنسي مع إيمانويل ماكرون، ما يثير غضب المدافعين عن حقوق الإنسان.
وتشكل هذه الزيارة خطوة جديدة “لرد الاعتبار” لولي العهد بعد أقل من أسبوعين على زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية التي كرست بشكل قاطع عودة محمد بن سلمان إلى الساحة الدولية، في أجواء الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة.
ووصل محمد بن سلمان الذي بدأ جولته الأوروبية الصغيرة في اليونان، مساء الأربعاء إلى مطار أورلي في باريس حيث كان في استقباله وزير الاقتصاد والمال الفرنسي برونو لومير، كما ذكر مصدر حكومي.
أما ماكرون الموجود في إفريقيا، فذكرت الرئاسة الفرنسية في بيان أنه سيعود بعد ظهر الخميس وسيستقبل محمد بن سلمان بعد ساعات على عشاء عمل مقرر في الساعة 20,30 (18,30 ت غ) في الإليزيه.
وأعلنت منظمتان غير حكوميتين ومحاميهما الفرنسي أنهما قد متا شكوى الخميس في باريس ضد ولي العهد السعودي بتهمة التواطؤ في تعذيب الصحافي جمال خاشقجي وإخفائه القسري.
غضب حقوقي
وقالت منظمتا “الديموقراطية الآن للعالم العربي” و”ترايل إنترناشونال” إن هذه الشكوى المؤلفة من 42 صفحة تؤكد أن محمد بن سلمان “متواطئ في تعذيب خاشقجي وإخفائه القسري في القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 أكتوبر 2018” وأنه “لا يتمتع بحصانة من الملاحقة لأنه كولي عهد، ليس رئيس دولة”.
وقالت خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز في رسالة باللغة الفرنسية إنها “مصدومة وغاضبة من واقع أن إيمانويل ماكرون سيستقبل بشرف عظيم جل اد خطيبي”.
وقالت أنييس كالامار التي قادت تحقيقا في اغتيال خاشقجي عندما كانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحالات الإعدام التعسفية، لوكالة فرانس برس إن “زيارة محمد بن سلمان لفرنسا وجو بايدن للسعودية لا تغير من واقع أن محمد بن سلمان ليس سوى قاتل”.
وقتل الصحافي الذي كان يكتب مقالات رأي في صحيفة “واشنطن بوست” وينتقد السلطات السعودية، في الثاني من أكتوبر 2018 وق طعت أوصاله في قنصلية بلاده في اسطنبول بعدما جاء للحصول على مستندات يحتاج اليها للزواج. ولم ي عثر على جث ته إطلاقا.
وخلص تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية إلى أن ولي العهد “أجاز” العملية التي أدت لمقتل خاشقجي، لكن الرياض تنفي ذلك، وتشير الى تورط عناصر مارقين في الجريمة المروعة.
ورغم الإصلاحات التي نفذها في بلاده، يتعر ض ولي العهد لانتقادات بسبب حملة قمع للنشطاء والمعارضين حتى من قلب العائلة الحاكمة.
وأساءت جريمة قتل خاشقجي إلى صورته كإصلاحي على الساحة الدولية.
ضربة قوية للنشطاء السعوديين
وكرست التحية بقبضة اليد التي تبادلها ولي العهد وبايدن في جدة تراجع الرئيس الأميركي عن وعده في حملته الانتخابية بتحويل المملكة لدولة “منبوذة” على خلفية قضية خاشقجي وسجلها في مجال حقوق الإنسان، لكن الجولة الأوروبية الأولى لمحمد بن سلمان في الاتحاد الأوروبي تثير غضب المدافعين الحقوقيين.
رأت الناشطة السعودية لينا الهذلول وهي رئيسة قسم الرصد والتواصل في منظمة “القسط” لحقوق الإنسان، أن هذه الزيارة التي تأتي بعيد زيارة بايدن إلى السعودية، “هي ضربة قوية للنشطاء السعوديين”.
ولينا هي شقيقة الناشطة النسوية لجين الهذلول التي باتت شخصية رمزية في مجال الدفاع عن حقوق النساء في المملكة، وقد س جنت لثلاثة أعوام قبل أن تحصل على إفراج مشروط في فبراير 2021.
وقالت لينا الهذلول “بدلا من دعم ضحايا الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان في السعودية، يفض ل ماكرون رد الاعتبار لولي العهد الذي دانت الأسرة الدولية بشكل واسع تجاوزاته. بقبوله استقبال (ولي العهد) في قصر الإليزيه، يمنحه ماكرون شرعية غير مستحقة، تحت طائلة ترك المجال مفتوح ا أمام تجاوزات جديدة”.
بعد أقل من أربع سنوات على قضية خاشقجي، تسبب غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير بارتفاع جنوني في أسعار الطاقة.
وسعت الدول الغربية منذ ذلك الحين إلى إقناع السعودية المصدر الرئيسي للخام، بزيادة الإنتاج من أجل التخفيف عن الأسواق والحد من التضخم.
لكن الرياض تقاوم ضغوط حلفائها مشيرة إلى التزاماتها حيال منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها في “أوبك+”، تحالف الدول النفطية الذي تشارك في قيادته مع موسكو.
وقالت كاميل لونز الباحثة المشاركة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إنه في مواجهة “انفجار أسعار الطاقة (…) من الواضح أن حقوق الإنسان في السعودية لم تعد فعلا الأولوية على جدول الأعمال”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...