سجّلت الدبلوماسية المغربية نجاحات باهرة خلال الآونة الأخيرة خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء، إذ باتت العديد من الدول تعتبر أن مخطط الحكم الذاتي هوالسبيل الوحيد لإنهاء هذا النزاع المفتعل.
وبعد اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء يرى مراقبون أن هناك مؤشرات عديدة تؤكد أن بريطانيا قد تحذو حذو باريس باتخاذ قرار مشابه، وبالتالي الخروج من المنطقة الرمادية.
وما يؤكد أن لندن قد تسير في نفس الاتجاه هو دعوة العشرات من البرلمانيين واللوردات البريطانيين، قبل أشهر، في رسالة وجهوها إلى وزير الخارجية السابق ديفيد كاميرون، الحكومة البريطانية إلى دعم مخطط الحكم الذاتي المغربي “رسميا ودون تأخير” باعتباره “الحل الوحيد” لنزاع الصحراء.
ويرى المحلل السياسي والكاتب الصحفي سعد ناصر، أن بريطانيا وإلى حدود الساعة تتخذ موقفا حياديا تجاه قضية الصحراء، إلا أن الاعتراف القانوني بمغربية الصحراء موجود على أرض الواقع خلال أكبر محكمة بريطانية، والتي أقرت في وقت سابق بشرعية الاتفاقيات التجارية المبرمة بين بريطانيا والمغرب في أقاليمه الجنوبية.
وأضاف ناصر في تصريح لموقع “الأنباء تيفي”، أن اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء سيغير مواقف العديد من الدول في القارة العجوز، وذلك بالنظر إلى التأثير الكبير الذي ستلعبه باريس.
وأشار المتحدث إلى المتانة العلاقات الاقتصادية والتاريخية بين الرباط ولندن، مشيراً إلى أن هذه الأخيرة باتت تعلم أن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وبالتالي ومن منطق – رابح رابح ستقوم بريطانيا في القريب العاجل بتغيير موقفها، رغم وصول حزب العمال البريطاني إلى السلطة.
وأكد المحلل السياسي أن الدبلوماسية المغربية تشتغل بصمت لكن النتائج دائما ما تكون مذهلة، وتربك الخصوم.
*عوامل قد تسرع الاعتراف
يرى محمد شقير دكتور باحث في العلاقات الدولية، أن هناك عدة مؤشرات سياسية تدل على إمكانية تبني بريطانيا نفس الموقف الذي تبنته كل من الولايات المتحدة وبعدها فرنسا فيما يتعلق بالاعتراف بمغربية الصحراء منها تصريحات بعض المسؤولين البريطانيين بضرورة مساندة المغرب، مؤكدا أن لقاء دي ميستورا مع وكيل خارجية بريطانيا هذا الاسبوع قبل انعقاد اجتماع الجمعية العمومية يعتبر من ضمن هذه المؤشرات.
وأضاف شقير في تصريح لموقع ” الانباء تيفي” غير ان هناك عوامل تساهم في تبني الاعتراف البريطاني بمغربية الصحراء تتمثل في ضرورة اقتفاء بريطانيا لموقف الولايات المتحدة كما أن التنافس الاقتصادي والسياسي بين فرنسا وبريطانيا ستسرع من تبني هذا الموقف.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن المشاريع الاستثمارية التي تتعلق بالربط الكهربائي وكذا الاستثمار في الهيدروجين الاخضر ستجعل السلطات البريطانية تسرع في اتخاذ هذه الخطوة.
*دعم دولي واسع لسيادة المغرب على صحرائه
أكد محمد بودن، الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، أن العديد من القوى الدولية والإقليمية أكدت خلال السنوات الأخيرة دعمها لسيادة المغرب على صحرائه وتمسكها بدعم الحقوق السيادية للمملكة المغربية.
وأشار الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، إلى الموقف الأمريكي التاريخي والدلالات الكبرى للموقف الفرنسي وعمق الموقف الإسباني وأهمية الموقف الألماني، وغيرها من المواقف التي عكست التزاما دوليا واسعا بدعم سيادة المغرب على صحرائه ومقترح الحكم الذاتي الذي تقدمه المملكة المغربية كأرضية صلبة للحل السياسي في إطار السيادة المغربية.
وقال بودن في تصريح لموقع “الأنباء تيفي” إن هناك إشارات من بريطانيا تمثل بوادر لموقف بريطاني يقر بسيادة المغرب على صحرائه، مما يعزز زخم العلاقات المغربية – البريطانية.
وأشار المتحدث إلى أن الاتصالات الدبلوماسية بين البلدين جارية منذ فترة، ويتم البناء على جملة من العوامل الحاسمة. ويظهر أن بريطانيا على المستوى الرسمي مقتنعة بالفرص الاستثمارية في المغرب والإمكانيات التي تتوفر في السوق المغربية على المستوى الفلاحي والتجاري وغيرها.
وأردف بودن قائلا: “منذ توقيع اتفاقية الشراكة في سنة 2021، ارتفعت المبادلات التجارية بين البلدين بنحو 50% لتقارب 23 مليار درهم سنة 2022. وبالتالي، هناك معطيات تصب لصالح هذه التطورات المرتقبة في الموقف البريطاني. ويمثل الجانب التاريخي عاملاً حيويًا في العلاقات بين المملكتين المغربية والمتحدة، بحكم علاقات المؤسستين الملكيتين العريقتين. ”
وزاد الخبير ذاته أن المغرب دائما ما يعتبر بريطانيا شريكا يمكن الاعتماد عليه، وقد أكد جلالة الملك محمد السادس على حرصه القوي للمضي قدما في ترسيخ الروابط القوية بين البلدين في برقية وجهها لرئيس الوزراء البريطاني كيرستارمر بمناسبة تعيينه على رأس الحكومة البريطانية في يوليوز 2024.
ويرى بودن أن سير بريطانيا على نهج عدد من القوى الدولية الكبرى بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه بات سيناريو قائما اليوم، وتتوفر له مختلف الشروط والعوامل المساعدة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...