اختار قياديون بحزب العدالة والتنمية، طرح فكرة تقليص المشاركة الانتخابية في الإعلام، بدل طرحه في البيت الداخلي للحزب ومؤسساته.
وفي الوقت الذي انبرى فيه قيادي بارز بالحزب مدافعا عن ضرورة تقليص مشاركة حزبه في الانتخابات المقبلة، حتى لا يدخل في “صدام” مع الدولة، رفض قياديون آخرون الفكرة جملة وتفصيلا.
نائب الأمين العام للحزب سليمان العمراني، خرج قائلا إن “الفكرة لم تطرح داخل مؤسسات الحزب”، وهو ما يراه محلل سياسي “محاولة من البعض فرض الفكرة للنقاش داخل الحزب لاعتمادها”.
مع التقليص وضده
ينسب إلى القيادي بالحزب مصطفى الرميد، الذي يشغل منصب وزير حقوق الانسان، طرحه لفكرة تقليص المشاركة، لتجنب “الصدام” مع الدولة، ولكن عبد لله بوانو، البرلماني عن الحزب، رفض هذه الدعوة معتبرا أنها “غير مقبولة وغير منطقية”.
وقال بوانو، خلال لقاء حزبي بالرباط، إن الحزب “أثبت حضوره منذ مدة، وأن المطالب بتقليص المشاركة تشوش على العدالة والتنمية وعلى برنامجه، ومن له مشكلة فليقم بعمل مشابه للحزب أو أحسن منه”.
وتابع “هذه الدعوة تشكل خطرا على العملية السياسية وليس على الحزب فقط”، داعيا إلى “تصفية الأجواء، قبل الانتخابات المقبلة المزمع تنظيمها شهر يونيو المقبل، لمواجهة تحدي العزوف عن المشاركة بالانتخابات”.
وبعد الضجة التي خلفتها دعوته، قال الرميد، في 2 شتنر الجاري حتى الان لم يتم طرح أو مناقشة أي اقتراح في هذا الشأن في أي مؤسسة من مؤسسات الحزب، عدا ما دار بين بعض أعضاء الحزب من أفكار تم تبادلها بشكل عفوي.
بدوره، قال سليمان العمراني، النائب الأول للأمين العام للحزب في بيان، “تقليص مشاركة الحزب في الانتخابات المقبلة لم يطرح داخل مؤسسات الحزب، كما أن الأمانة العامة لم تناقشه من قبل ولم يكن قط على جدول أعمالها”.
فرض الفكرة
وتعليقا على هذا الجدل، قال المحلل السياسي بلال التليدي، “مطالب التقليص من المشاركة محاولة من بعض القياديين لفرض الفكرة للنقاش داخل الحزب لاعتمادها”.
وأضاف “مؤسسات الحزب لم تناقش لحدود الآن هذه الفكرة، على الرغم من أن بعض القياديين بالحزب انخرطوا في نقاشات حول الموضوع، وهو ما يدل أن القضية ليست مؤسساتية”.
ولفت الانتباه إلى “التباين في وجهات النظر بين قيادات الحزب حول الموضوع، والدفاع عن الفكرة هو اعتراف بفشل مرحلة تدبير سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب (رئيس الحكومة)”.
وشرح “بعض الجهات كانت تراهن على أن إبعاد عبد الإله بنكيران (من قيادة الحكومة) من أجل مصالحة الحزب مع الدولة، وهو ما لم يقع، وبالتالي فإن عدد من أعضاء الحزب يدافعون عن التقليص، وهو بمثابة المزيد من التنازل”.
في مارس 2017، عيّن الملك محمد السادس، سعد الدين العثماني رئيسًا للحكومة، خلفًا لعبد الإله بنكيران، بعدما تعذّر على الأخير تشكيل الحكومة.
وانتُخب العثماني، خلال المؤتمر الوطني لـ”العدالة والتنمية” في 10 دجنبر الماضي، أمينًا عامًا للحزب، خلفًا لبنكيران.
وبحسب التليدي ، فإن “قيادي بارز بالحزب (لم يسمه) ، يتبنى التقليص من مشاركة الحزب حتى لا يتصدر الانتخابات، وبالتالي تفادي الصدام مع الدولة على حد تفسير القيادي”.
وأوضح أن “التيار المحسوب على بنكيران، يرى أنه لايمكن التدليس على المواطنين عبر هكذا دعوات، ويرون أن المشكل ليس في الحزب، ولكن في الأحزاب المنافسة التي لم تقدر على منافسة العدالة والتنمية”.
وزاد “الذين يطالبون العودة للمعارضة، مع ضرورة البحث عن سيناريو، ينسون أن ذلك سيؤثر على عدد كبير من عمداء المدن المنتمين للحزب والذي يسيرون مؤسسات أخرى، والذين هم في حاجة إلى دعم حكومي”.
مصلحة الحزب التراجع
أما المحلل السياسي عمر الشرقاوي، فقال “من مصلحة العدالة والتنمية التراجع وعدم قيادة الحكومة المقبلة، لأنه فقد رأسماله السياسي وبريقه، بعد ولايتين حكومتين”، مفسرا ذلك بـ”ضريبة السلطة”.
وتابع “من الصعب تقبل عدد من القياديين فكرة تقليص مشاركة الحزب بالانتخابات، بسبب المصالح، وملذات السلطة، واستفادة عدد من أعضائه من امتيازات تدبير الشأن الحكومي المحلي”.
واعتبر أن “الرميد الذي يدافع عن تحجيم مشاركة الحزب يعتبر مخاطبا للدولة، ويعتبر أيضا أحد القياديين البارزين الذي ساهموا في إدماج الاسلامين في المشهد السياسي، حيث يمتلك محرارا لقياس درجة حرارة العلاقة بين الحزب والسلطة في البلاد”.
وأوضح أن “الحزب يرى السياق الداخلي والخارجي لايدعمه في الاستمرار في الحكومة لولاية ثالثة، خصوصا أن السياق الأقليمي يتسم بتراجع أسهم الاسلاميين في المرحلة الحالية، سواء في تونس أو مصر أو الأردن”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...