الفقيه مولود السريري رغم اختلافي معه في عدد من القضايا الأصولية والتنزيلات الفقهية، إلا أنني احترمته دوما لأدبه وخلقه، ولأنني كما يقول المغاربة “شركت معاه الطعام” بمدرسته العتيقة بتنكرت، إلا أنني فوجئت اليوم بأن نقاشاته وصلت البرلمان، وأن سؤالا كتابيا وضع بين يدي وزير الأوقاف من طرف النائبة البرلمانية عن البام حنان أتركين حول ما صدر عن الشيخ مؤخرا من مواقف وفتاوى… عدت لاستطلاع الموضوع، فصدمت من حدة سي مولود وتطرفه في موضوع لا يستحق كل هذا التناول ولا المعارك، حيث يتحدث عن بطلان صلاة من مسح في وضوءه على التقاشير، وبطلان صلاة كل من صلى خلف إمام يرى جواز المسح عليها، بل بطلان الصلاة خلف كل من أفتى بجواز المسح عليها….
فهل انتهت كل قضايا البلاد والعباد، ولم تبق إلا هذه المسألة لتنستزف كل هذه الطاقة من نقاشات وردود وتعقيبات؟، هل هذه القضية من محكمات الدين وقطعياته وثوابته لتتم الفتوى فيها بكل هذه الحدة والعنف؟ أيليق بنا أن يكون العالم قد دخل مرحلة الذكاء الاصطناعي والجينوم والميتافيرس والتقدم الكمي والطاقة النظيفة و الداتافيكايشون والبلوكتشين ونحن نشن الحروب بيننا هل يجوز المسح على التقاشر أو لا يجوز؟.. والأعجب من ذلك كله، أن الشيخ احتد وشط وأبطل صلاة الآلاف إن لم يكن الملايين من الناس دون أي مراعاة للخلاف في المسألة، وهو قديم جدا منذ العصر الأول للإسلام، وكأنه لم يطلع على أقوال العدد الضخم من الفقهاء الذين ذهبوا إلى خلاف قوله، ورأوا أن المسح على الخفين يشمل ماكان جلدا أو ثوبا أو غيره مما يوضع على القدمين، حتى جوزوا المسح على النعلين . وأخيرا الصلاة، عبادة ومناجاة، تحفها كثير من الروحانية والسلام والاطمئنان، وتستلزم أقصى ما يمكن من التيسير والتخفيف، فإقحامها في نقاشات حادة، وفتاوى شاذة، مخالف لمقاصدها والغايات من تشريعها، فضلا عما في ذلك من إشغال الناس بما لا يستحق، واستزاف طاقتهم فيما لا جدوى منه ولا هدف، إلا إثارة الفتنة والتشويش على الأمن الروحي الذي تتنعم به هذه البلاد.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...