هاجم صلاح الدين أبو الغالي عضو القيادة الجماعية للأمانةالعامة لحزب الأصالة والمعاصرة ما أسماهم ب”الخصوم السياسيون” الذين يمجدون الماضوية، كونها أدت خدمة كبيرة في الاتجار في عقدة الذنب وما يترتب عن ذلك من عجز عن انتاج المعرفة، معتبرا أن الماضوية قامت على ركيزتين اثنتين تكمن أولهما في الجعل من نمط عيش قديم دينا بمعنى الكلمة ولو تناقض مع دين الله، فيما تتجلى الثانية في احتكار الفكر، مما أدى ذلك إلى استعباد واستبداد.
وأكد ابو الغالي، في كلمته خلال لقاء تواصلي نظمته مساء أمس الجمعة الأمانة الإقليمية للحزب بالحي الحسني بمدينة الدار البيضاء حول موضوع “التمكين القانوني والسوسيو اقتصادي للنساء، في ضوء مراجعة مدونة الأسرة وخلاصات النموذج التنموي الجديد”، (أكد) على أن أحد المنتسبين للتيار الماضوي اختزل مسألة انتقال الثروة في الإرث ليجر النقاش حول آية المواريث، مبرزا أنهم في حزب الأصالة والمعاصرة لم يتطرقوا أبدا للإرث وليس لديهم أي حرج في مسألة الإرث المتعارف عليها ولا في الآية الكريمة، بل كل ما في الأمر هو أنهم يرغبون في تفعيل الوصية، كون الوصية هي الأصل في القرآن الكريم، الذي جعلها أحد الخيارين في انتقال الثروة وخصص لها آيات يفوق عددها آيات المواريث.
وأشار أبو الغالي، إلى أنهم ارتأوا في حزب الأصالة والمعاصرة أن يتم إلغاء التعصيب بصفة كلية بما يكتسي هذا المفهوم من ظلم في حق المرأة اليوم، كما أنه يؤدي الزرع والعباد، مبرزا أن التعصيب لا وجود له في القرآن الكريم، قائلا في نفس الوقت: “لم نعد نعيش في قبائل يضمن فيها العم أو أبناء العم الحماية والتحصين والإنفاق على الطفلة اليتيمة الفاقدة لأبيها، بل نحن اليوم في وطن تكون فيه الدولة هي المؤتمنة على سلامة الطفلة عوض العم أو أبناء العم سلامتها في الشارع وفي تمدرسها وفي عيشها الكريم وفي سكنها اللائق وفي ولوجها للكليات والمعاهد ولو أراد الماضويون إعادة إنتاج مجتمع القرن الثامن و التاسع بعاداته ولباسه وأدواته الصناعية وبقوامته لكان أسهل وأوهن على أحدهم من محاولته استخراج التعصيب من التنزيل الحكيم، وظل سعيه بلا جدوى”.
من جهة ثانية، أوضح صلاح الدين أبو الغالي، أن الحداثة التي تعد في صلب المشروع السياسي للحزب لا تنبع من تجارب الحداثة الغربية التي تصورت من كثرة ما اختلط عليها الحابل بالنابل أن الحل في التحرر من سلطة الكنيسة هو استبعاد كل أثر للدين في حركة الحضارة حتى أصبحت تلك الحضارة بحرا بلا ساحل.
وابرز أبو الغالي، أن الحداثة التي يؤمنون بها داخل حزب الأصالة والمعاصرة نابعة من الوجدان المغربي بكل ما يزخر به من آداب وفنون وجماليات وأمن، روحي، مضيفا أنهم يعتبرون داخل الحزب كذلك أن هاته العناصر من المداخل الأساسية لترسيخ الحداثة الوجدانية المغربية، المنبثقة من “أصالتنا ووحدة إنتمائنا إلى جغرافيتنا الفريدة، واعتزازنا بالدين الإسلامي السمح وإيماننا الراسخ بالقوة الاستدلالية الموجودة في الذكر الحكيم الذي يرفع من قيمة العقل، ويرفض التقليد ويطلق يد الإنسان الحر والمفكر، ويعظم قيمة مصلحة الناس، فاصطلح عليها “فطرة الله التي فطر الناس عليها، وميزها بمفهوم “الدين القيم”، فالقيومية للعدل وللحريات المصونة، وللمساواة بين الرجل والمرأة وللديموقراطية وللمواطنة”.
وقال أبو الغالي في هذا الصدد: “علينا أن نجتهد في إظهار تلك القيم بما يخدم مصالحنا ومصالح أبناءنا، وأن نحث علماءنا الأجلاء الغيورين على هذا الوطن الحبيب على الإنفتاح والإعتدال والقراءة العقلانية للتشريعات والأحكام الدينية، كما فعل أجدادنا العلماء في القراءة والفقه والعلم والتدبر، رحمة الله عليهم جميعا، لأنهم أدركوا واقعهم وتفاعلوا مع متطلبات عصرهم في حدود الجغرافية والتاريخ وكان اجتهادهم ضمن أدواتهم المعرفية ومفاهيم وقتهم، وكان تحليلهم يستجيب للحاجة وللإنسجام مع بيئتهم، والحال أنهم كانوا حداثيين بكل المقاييس وأصابوا في ذلك، فأينما كانت مصلحة الناس، فثم شرع الله”.
وأشار أبو الغالي، بالقول: إلى أنه “في إطار النقاش العمومي حول تعديل مدونة الأسرة تقتضي المصلحة التجاوب مع فطرتنا الحداثية السليمة والتي تتبنى أن الأصل في الحياة الدنيا هو الإنسان، وأن المشترك بيننا في بلدنا الحبيب هو المواطنة، وأن الوجدان المغربي يجمعنا، وأن الدين ملك للجميع، وأن الأصل في الدين هو الإيمان بالله وأن الملكية هي لحمتنا وأن الوطن هو إلتزامنا، وأن رحمة التعددية تكمن في تنوعنا العرقي واللغوي وفي الملل وأن حكمة التعارف تفتح لنا شراكات وفرص مع باقي الشعوب، وأن السياسة هدفها إسعاد الناس في الدنيا فقط وما عدا ذلك فهو هراء ولكن أكثر الماضاويين لا يعلمون”.
ومن جهة أخرى، لفت أبو الغالي، إلى روح حركة لكل الديمقراطيين، داعيا إلى جعل القطبية واقعا سياسيا تساير العصر وتتماشى مع التموقع الطموح للمغرب، الذي أراده ملك البلاد محمد السادس في مجاله الإقليمي والمتوسطي، مضيفا أنه من بين مهام أكاديمية “البام” للفكر السياسي التي يشتغلون عليها من أجل أن ترى النور قريبا، هي النهوض بالنقاشات حول الأسئلة الفلسفية والسياسية الكبرى بمساهمة عدد من المفكرين والباحثين والأساتذة بما يتقاطع مع دعوتهم في القيادة الجماعية للأمانة العامة في إبراز روح حركة لكل الديمقراطيين بكل ما يمكنه أن يغني المشهد السياسي المغربي، ويغير من ممارساته، ويحد من البلقنة، ويجعل من القطبية واقعا سياسيا قطبية تساير العصر وتتماشى مع التموقع الطموح للمغرب، الذي أراده ملك البلاد محمد السادس في مجاله الإقليمي والمتوسطي.
وتابع أبو الغالي، أن القطبية التي يصبو إليها هي قطبية سياسية تواكب الأوراش الملكية الكبرى من الحماية الاجتماعية إلى قضية الوحدة الترابية واعية بالتحولات الجيوستراتيجية وخاصة تلك التي تتجه نحو الجنوب الأطلسي، بفضل المبادرة المولوية السامية لتمكين دول مجموعة الساحل الإفريقي من الولوج للأطلسي، والمبنية على الدور الحصري الذي تلعبه المملكة المغربية في بعدها الاستقراري والتاريخي كصاحبة الحق الوحيد في إظهار ذاكرة القارة الإفريقية وما يمنحها ذلك من اهتمام وثقة وتحفيز من لدن دول العالم تجاه هذه المبادرة.
وخلص صلاح الدين أبو الغالي عضو القيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، إلى أنه من بين خصائص القطبية التي يطمح إليها حزب الأصالة والمعاصرة، أن تكون قطبية واضحة تنهض بالأحزاب السياسية وبالمنتخب وتجعل خطابه يرقى إلى تطلعات المواطنين، قطبية قادرة على بناء تنافس للأفكار والمشاريع، وليس تنافسا للحسابات الشخصية الضيقة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...