وقفت المهمة الاستطلاعية المكلفة بمراقبة الصفقات التي أبرمتها وزارة الصحة خلال جائحة كورونا، على عدد من الخروقات القانونية الخطيرة وإشكالات تهم تعريض الوزارة لسلامة الأطر الطبية والمرضى للخطر وأخرى تتعلق بكيفية تعامل الوزارة مع الطلبات الواردة عليها، إذ تم تسجيل شكايات من قبل عدة مقاولات فيما يخص مساطر التسجيل والترخيص.
وقد بادرت إحدى الجمعيات الممثلة للمهنيين وللمقاولات العاملة في هذا المجال إلى مراسلة الوزارة عدة مرات لتطلب منها التسريع بإصدار الترخيصات الضرورية، بالإضافة إلى عدد من الرسائل تحتج فيها على تجميد ترخيصات وتسجيل عدة شركات مقابل تسريع ملفات شركات أخرى، وهي الرسائل التي تضمن التقرير بعضا منها يتعلق بالصعوبات والاشكالات التي تواجه المقاولات في الحصول على الرخص.
وذكر التقرير الذي يتوفر موقع الأنباء تيفي على نسخة منه، بأن عددا من المقاولات استفادت من صفقات تفاوضية حتى دون أن تتوفرعلى التصريح القانوني، وأن حرمان شركات أخرى من الترخيصات الاستثنائية خلال فترة الجائحة يؤكد بشكل لا لبس فيه ويؤشر على شبهة محاباة بعض الشركات على حساب شركات أخرى في التعاقدات المتعلقة بالطلبيات العمومية، وهو ما يضرب في الأساس مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المقاولات، مشيرا إلى أن هذا الخرق القانوني الواضح للمبادئ والقواعد الأساسية لإبرام الصفقات العمومية يفترض، إذا ما تأكد، أن تترتب عنه مسؤولية قانونية.
وسجل التقرير لجوء الوزارة عند تعاقدها مع الموردين لتسريع مساطر الترخيص الاستثنائي وإصدار ترخيصات مستعجلة أو لاحقة على إبرام الصفقة لفائدة الشركات المستفيدة في الوقت الذي كان يحتج فيه جزء كبير من المهنيين على تجميد وتعطيل ملفاتهم لدى مديرية الأدوية والصيدلة ما تسبب في حرمانهم من المشاركة في هذه الطلبيات العمومية، مستشهدا بإحدى شركات المستلزمات الطبية التي قال بأنها حظيت بمعاملة تفضيلية، إذ حصلت على شهادة تسجيل المستلزم الطبي الذي طلبت تسجيله قبل أن تحصل هي نفسها على الترخيص القانوني الذي يخول لها ممارسة مهامها في مجال المستلزمات الطبية، وهو ما اعتبرته المهمة الاستطلاعية أمر ممنوع قانونا و”محاباة واضحة” عبر تمكين الشركة المعنية من وضع الطلب وآداء الرسوم في وقت تم فيه إغلاق هاته الخدمة العمومية في وجه باقي الشركات، كما مكنتها مديرية الأدوية من مساطرة غير قانونية ومضرة بالمنافسة الحرة ومخالفة ومخلة بميدأ المساواة وتكافؤ الفؤص بين جميع الشركات حسبما جاء في التقرير”.
كما رصدت المهمة الاستطلاعية اختلالات كثيرة فيما يخص التعامل الاستثنائي مع مجموعة من المقاولات بالتعاقد مع شركات غير مرخصة وغير مسجلة ولا مرخص لها لممارسة أنشطتها في سوق المستلزمات الطبية، واقتناء مواد ومستلزمات كمعقمات ومطهرات “ذات مخاطر عالية وحساسية بالغة” ما يعد مجازفة بصحة الأطقم الطبية والمرضى وعوائلهم، في حين أن باقي الشركات المرخصة قانونا يمكنها تزويد الدولة بهذه المواد بسهولة.
ومن جهة أخرى، بررت وزارة الصحة ومسؤوليها تعاقدهم مع شركات غير حاصلة على الترخيصات الضرورية بشكل “غريب ومخالف للقانون”، إذ أرجعوا ذلك لحالة الاستعجال ولقيام هاته الشركات بتوريد مواد وتجهيزات ومستلزمات طبية تم تسجيلها سابقا لدى وزارة الصحة، وهو مبرر غير قانوني، إذ أن الشركات لا يمكنها الشروع في تصنيع ـو إنتاج المستلزمات الطبية إلا بعد حصولها على الترخيص الذي يعد ملزما للمقاولات والوزارة على حد سواء، وهو ما أكدته مديرة الأدوية والصيدلة.
ولاحظت المهمة الاستطلاعية بأن الوزارة لجأت في أوقات كثيرة إلى اقتناء الأدوية والمستلزمات الطبية والمستحضرات والتجهيزات الأخرى حتى قبل ابرام الصفقات التفاوضية واعتماد ما سمي بـ”صفقات التسوية” بعدها وهو ما يجعلها صفقات فاقدة للمشروعية.
وخلصت المهمة الاستطلاعية إلى أن تعاقد الوزارة مع هذه الشركات ذو “مخاطر عالية” من شأنه أن يعرض صحة وسلامة المرضى والأطقم الطبية وعموم المواطنين للمخاطر، ذلك لأن اقتناء هاته المنتجات من شركات تشتغل بشكل غير قانوني من شأنه ترتيب الآثار القانونية والعقوبات المنصوص عليها، مذكرة بأن تعاقد الوزارة مع هاته الشركات التي لا تتوفر على رخص تم في الوقت الذي كانت فيه عشرات الشركات تنتظر الحصول على الترخيص الاستثنائي من مديرية الأدوية بالوزارة، ما يعني حرمانها من الولوج إلى السوق الداخلية وتسويق هذا المنتج الذي كان يعاني من الندرة خاصة في ظل ما كان يروج حول شح مادة الكحول بالسوق الداخلية.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...