أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أن النجاعة الطاقية أصبحت اليوم ركيزة استراتيجية مركزية ضمن السياسات العمومية، مشددة على أن تفعيلها يستوجب إصلاحًا هيكليًا وتغييرًا جذريًا في الفلسفة المؤسساتية التي تؤطر تدبير هذا المجال.
وجاءت تصريحات بنعلي خلال مشاركتها في اجتماع لجنة مراقبة المالية العامة والحكامة بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، حيث أبرزت أن هذا الورش، رغم إدماجه في الاستراتيجية الوطنية للطاقة منذ عام 2009، لا يزال يعاني من اختلالات بنيوية تتطلب تجاوبًا جماعيًا لتجاوزها.
واعتبرت الوزيرة، أن النجاعة الطاقية ليست مجرد أداة تقنية، بل قضية سياسية تعكس تموقع الدولة، وتحدد فلسفة الاستثمار العمومي، وتُعيد رسم العلاقة بين المركز والجهات، مضيفة أن كل درهم يُستثمر في هذا المجال يدرّ مكاسب ملموسة، سواء من خلال تقليص الفاتورة الطاقية أو تقليص الضغط على الميزانية العامة.
وفي إطار تفعيل المقاربة الترابية، أعلنت بنعلي عن توقيع أول عقد أداء طاقي مع جهة الشرق، في خطوة تجريبية تهدف إلى إشراك الفاعلين المحليين والجماعات الترابية في تنزيل البرامج الطاقية، وأشارت إلى أن زيارة مرتقبة ستتم نهاية الأسبوع الجاري إلى الجهة، من أجل متابعة تفعيل مشروع للإنارة العمومية يندرج ضمن هذا التوجه الجديد.
وأبرزت المسؤولة الحكومية، أن الوزارة تعمل على إعادة النظر في منظومة التكوين، من خلال التركيز على تكوين جيل جديد من الكفاءات القادر على التحكم في الاستهلاك وترشيد استخدام الموارد، وليس فقط على إنتاج الطاقة، ودعت في هذا السياق إلى دمج تخصصات الاقتصاد الدائري والنجاعة المائية ضمن برامج التعليم والتكوين المهني.
وفيما يخص التحولات المؤسساتية، كشفت بنعلي أن مشروع إصلاح الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية يوجد قيد الدراسة لدى الأمانة العامة للحكومة، ويهدف إلى توسيع صلاحياتها، وتعزيز استقلاليتها، وتمكينها من لعب دور محوري في تتبع المشاريع وقياس الأثر الطاقي.
وأكدت الوزيرة على أهمية تعزيز الشفافية في الولوج إلى المعطيات الطاقية، من خلال تعميم حلول رقمية تتيح للمواطنين تتبع استهلاكهم في الزمن الحقيقي، معتبرة أن تمكين المواطن من هذه الأدوات يكرس “ديمقراطية طاقية” حقيقية.
وبخصوص دعم المواطنين على ترشيد الاستهلاك، أوضحت الوزيرة أن تخصيص 240 مليون درهم من صندوق التنمية الطاقية على شكل مكافآت، مكّن من تحقيق اقتصاد يناهز 800 مليون درهم في الطاقة، ما يعكس فعالية هذا النوع من التحفيز.
كما أشارت بنعلي إلى تقدم الوزارة في ورش تطوير الإطار القانوني للإنتاج الذاتي من الطاقات المتجددة، مع رفع سقف الفائض المسموح بضخه في الشبكة من 10% إلى 20%، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو إشراك المواطنين في عملية الإنتاج والاستهلاك في آنٍ واحد.
وفي ختام مداخلتها، شددت الوزيرة على أن الانتقال الطاقي يتطلب تغييرًا عميقًا في طريقة التفكير والتدبير، مؤكدة أن الوزارة منفتحة على مختلف المبادرات والمقترحات التي تواكب هذا التحول الهيكلي الطموح نحو طاقة مستدامة وعادلة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...