خلال السنوات الماضية لم يكن الصراع يحمل في طياته المخاطر المألوفة التي مافتئنا نلاحظها في يومنا هذا من ضياع في العتاد الاقتصادي والمالي والاجتماعي والإنساني بالشكل السريع، وذلك على نطاق معين، أما في يومنا هذا أصبحنا نلاحظه بكثرة نتيجة تطور فكرنا وعلمنا وتقدم تكنولوجيتنا ورغباتنا المادية والمعنوية الجشعة، وما انتهينا إليه من اختراعات وامتلاكنا للأدوات ذات القدرة على الدمار الشامل لكوكب الأرض في وقت وجيز جدا، سواء كانت نتيجة الأسلحة البيولوجية أو الالكترونية أو المعنوية وغيرها. مما تستدعي منا وقفة تأمل ونظرة واعية وثاقبة لهذه المخاطر، ولم لا وما شاهدناه وسمعناه عن هيروشيما ونجازاكي والجائحات البيولوجية التي تم ويتم استعمالها في بعض الحروب، لخير دليل ودرس للإنسانية تحتم على الكل استيعابها حتى يتسنى اجتناب مخاطرها مستقبلا.
حقيقة إن المساواة بين الدول هي ضرب من الخيال في معناها الحقيقي والمادي الملموس، إذ أن الدول ليست متساوية بالطبيعة فيما بينها بحكم تباينات عديدة من مقوماتها، وخير دليل على هذا وجود سيطرة مطلقة لبعض الدول في قرارات وسياسات دول أخرى كمجلس الآمن التابع للأمم المتحدة مثلا، حيث نجد انه لها حق الاعتراض أي الفيتو ومن هنا يتبين أن مبدأ المساواة الذي تنص عليه المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة ينحصر فقط في الإطار القانوني الشكلي وليس الواقع الملموس حيث تنص مادة من مواده على أن ” الهيئة تقوم على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها” في الوقت الذي يخضع فيه الواقع السياسي المعاصر إلى التوازنات والقوة والتأثير الغير مباشر على معادلة المساواة بين الدول.
فإذا عدنا إلى الوراء شيئا ما فإننا سنجد أن التجربة الاستعمارية وعدم تصفيتها بالشكل المعقول والجاد هي من بين أسباب عدم المساواة وظهور الفوارق بين الدول والشعوب، لانها تسببت في خلقت فوارق ومعاناة كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، الفقر والبؤس والجوع والكراهية وعدم قبول الطرف الأخر من خلال انعدام الحوار الجاد البعيد عن التشنجات والحروب، والرغبةوالحب الذاتي والجهل الثقافي والفكري المتبصر، إضافة إلى خلق نخب الأولى نجدها موالية له وتدين له بالولاء وتخدم أهدافه بحيث تدافع عن مصالحه بشكل غير مباشر سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، والثانية غارقة في خدمة مصالحها الذاتية بحيث تصب تعليمها وثقافتها وفكرها ليس في خدمة بلدها بل خدمة لتحقيق مصالحها ومكاسبها الشخصية والذاتية، بينما العكس نجده عند الطرف الآخر (الدولة المستعمر أو القوية)على الرغم من مرور السنين على هذه المعضلة. وهذا يتجلى من خلال الأرقام والهياكل الاقتصادية والاجتماعية الدولية، فأغنياء العالم يشكلون 25 ٪ من السكان ويتمتعون في ذات الوقت ب 80 ٪ من ثرواته أما الفقراء فيشكلون 75 ٪ من بقية السكان، بحيث لا يملكون سوى 20 ٪ من ثرواته. وهذا ما يحتم علينا ضرورة استيعاب مختلف أوجه هذه الصراعات وأسبابها وتتطلب منا المضي بشكل سريع للبحث عن صيغ بديلة لهذا الصراع المتشنج . وعليه أرى انه من الواجب والأرجح الآن إعادة
– صياغة العلاقات الدولية في نظام دولي يضع السلام في قمة المرامي والأهداف القائمة عليها السياسة الدولية. – البحث عن الصيغة الملائمة للعلاقات التي تتعايش فيها القوى الدولية تطلعا إلى إقصاء الحروب او الحد منها من خلال إحلال السلام الإقليمي والعالمي.
– تطوير الصيغ الدبلوماسية المعالجة للنزاعات كالوساطة الصادقة والحميدة والدقيقة بالنسبة للأطراف الدولية الراغبة في الوساطة والغير المعنية بشكل مباشر بالمشكل القائم اللهم المصالح المشتركة للجماعة الدولية العامة.
– إنشاء فعاليات تستطيع توفير جو سياسي واقتصادي سلمي من اجل التنمية حتى يمكنها أن تنسجم مع تطلعات القوى الدولية المحبة للسلام والأمن، لكي يسود الود والوئام في علاقات المجتمع الدولي وشعوبه – ولم لا أخيرا خلق فضاء دولي سلمي ومتحاب خالي من السياج المعبري بين الدول كالتجربة الأوروبية مثلا بحيث تمكن الشعوب بالإحساس بالانتماء الدولي المتوازن الخالي من الطبقيات ولما لا وان جميع الشعوب تنظر إلى السماء نظرة واحدة بدون سياج حدودي وتستنشق من نفس الهواء الواحد. السبت 06-11-2021م
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...