بالامس كانت هناك انتخابات جزئية بإقليم الدريوش لملء مقعدين فارغين بمجلس النواب. الأكيد لم يكن لجل المغاربة علم بذلك، و حتى ساكنة الاقليم لربما، و لا أدل على ذلك نسبة المشاركة المتدنية التي لم تتجاوز الاربعة عشر بالمائة.. و الأكيد أنها مجرد محطة ، شاردة ، في خضم واقع يفضح ، في غرابته، الفعل و الفاعل السياسيين في بلادنا ، في وقت مل فيه الوطن من الأنا المتحكمة في التعاطي مع قضاياه ، الكبرى و الصغرى ، و بات المواطن قاب قوسين أو أدنى من الكفر بالمؤسسات المنتخبة وساكنتها… بالامس إذن فازت الاغلبية بالمقعدين معا ، في حالة تنافسية ثلاثية غير متكافئة مع حزب يتيم من المعارضة .. انتخابات بثلاثة مرشحين من ثلاثة أحزاب في غياب غير مبرر لأخرى ، و في تجسيد لصورة التيه الذي باتت تعيشه بعضها في غفلة من الاعضاء المناضلين قبل المواطنين، و في صمت يعكس حالة السبات الشتوي انتظارا لربيع الفعل من موقع المشاركة الحكومية… انتخابات لا شك تستدعي قراءة هادئة في بعدها الدستوري و القانوني و الاخلاقي ، شكلا و مضمونا ، الامر الذي لا يمكن بأي حال أن يكون ضمن هذا التفكير المكتوب ، المغلف بسخرية لا مفر منها ، و هو ما ، لا شك ، سنقف عنده قريبا ، و بالضرورة ، لعل و عسى نؤطر النقاش بما يجب رغبة في البناء … لكن القراءة الساخرة ، من باب الحسرة على ما يقع ، تؤسس بدورها لكثير من الملاحظات ، لعل أهمها ذلك الشاب الذي فاز في الانتخابات الجزئية بنفس الدائرة الانتخابية شهر شتنبر 2022 ، بإسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، قبل ان تلغي المحكمة الدستورية انتخابه و مرشح الحركة الشعبية لأسباب تستحق هي الاخرى قراءة خاصة ، و عاد للفوز بمقعده ، لكن باسم حزب الاصالة و المعاصرة هذه المرة ، في تجسيد ، جلي، لطبيعة انفتاح الاحزاب و تعاونها و قبولها بقواعد لعبة على المقاس في مزاد المواقع … و من حزب لآخر ، من المعارضة للأغلبية ، من الوردة للجرار ، هناك حتما أسباب خفية … بتوظيف الدين فتلك إشارة ربانية أن من مع الحكومة هو الفائز . و بمنطق المؤامرة فإن النتائج محسومة حسب اللون و الرمز .. في حين تقول الاسطورة بأن المهم هو خدمة الوطن … هل يكفي ان نقرأ النتيجة دون توابل التفكير و التحليل و التهكم على محطة تستفز كل عاقل؟ أن نقبل بها واقعا لا أهمية له في مسارات التحول ببلادنا ، و أن نعانق الارقام ببلادة ، و النتيجة بصدر ديمقراطي رحب ؟ تم ملء مقعدين بمجلس النواب ، مثلما استأسد الفراغ في صناديق الاقتراع ، تلك هي الحقيقة. و بإختصار مفيد : فازت الاغلبية ؟ نعم .. لكن ، لم يفز الوطن .
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...