من الواضح أن فرحة المغاربة الفقراء بالدعم الاجتماعي الذي ستتسلمه شريحة مهمة منهم، لم تكتمل، وذلك عندما دس لهم عزيز أخنوش خبر الزيادة في سعر غاز البوتان يوم أمس الاثنين عند كشفه لتفاصيل هذا الدعم المباشر.
أخنوش، وفي معرض تصريحه حول الدعم الاجتماعي المباشر أمام عضوات وأعضاء غرفتي البرلمان، أقر على أن هناك إصلاحات ستلحق صندوق المقاصة، مؤكدا على أن ميزانية الدولة لن تتحمّل تمويل الدعم الاجتماعي المباشر والإبقاء في الوقت نفسه على تحمل الكلفة الكاملة لنظام المقاصة.
هو خبر نزل كالصاعقة على العديد من المغاربة الذين لم تمضي سوى دقائق على فرحتهم بالدعم الاجتماعي الذي كانوا ينتظرونه بأحر من الجمر عله يخفف من الضغط الكبير الذي باتوا يعيشونه جراء تزايد أسعار المواد الاستهلاكية يوما بعد يوم.
بحلول 2026.. سعر البوطا سيصل إلى 70 درهما
كشف عزيز أخنوش، يوم أمس الاثنين أمام عضوات وأعضاء البرلمان، أن الحكومة اتخذت رزنامة من التدابير اللازمة لتأمين مصادر التمويل لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر، وكذا استدامته.
وفي هذا الصدد، أوضح رئيس الحكومة، أن ذلك سيتم من خلال تعبئة 20 مليار درهم في ظرف السنوات ثلاث المقبلة عن طريق الموارد الذاتية للدولة؛ وستة (6) ملايير درهم من العائدات الجبائية المتعلقة بالمساهمة الاجتماعية التضامنية على الأرباح والدخول الخاصة بالمقاولات، في إطار انخراطها المسؤول في إنجاح هذا الورش الوطني”.
تضاف إليها، حسب رئيس الحكومة، عائدات الرسوم الضريبية المستخلصة من تفعيل ‘المساهمة الإبرائية’ برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج؛ وكذا تعبئة 15 مليار درهم، عبر عقلنة وتجميع وإعادة توجيه الاعتمادات المالية المسخرة لمجموعة من برامج الدعم السابقة، وفقا للتوجيهات الملكية السامية.
وستتم أيضا حسب أخنوش، تعبئة 9 ملايير درهم، تهمّ احتياطي صندوق التماسك الاجتماعي لسنة 2024 فقط؛ ثم 12 مليار درهم تدريجيا في أفق سنة 2026 وبعد مضي فصل (un trimestre) من الشروع في صرف الإعانات المباشرة، من خلال الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة، طبقا لمقتضيات القانون الإطار للحماية الاجتماعية.
وفي هذا الصدد، أوضح رئيس الحكومة على أنه في إطار السياسية التشاركية التي تنتهجها الحكومة، عقدت الأخيرة سلسلة من اللقاءات مع الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، وذلك من أجل نقاش عملية الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة.
مشددا، على أن ميزانية الدولة، لن تتحمل تمويل الدعم الاجتماعي المباشر مع تحملها في ذات الوقت الكلفة الكاملة لنظام المقاصة. حيث قال “بالنظر إلى ضُعف الإنصاف الاجتماعي لنظام الدعم الحالي على مستوى استهداف الطبقات الفقيرة والهشة، وبعد شروع الحكومة في صرف الإعانات المباشرة ابتداء من دجنبر 2023، ستعمَد إلى تخصيص الهامش الناتج عن تقليص دعم المقاصة، الذي يمثل تقليصاً تدريجيا، جزئيا ومحددا زمنياً ما بين 2024 و2026، لاستكمال تمويل إجراءات ورش تعميم الدعم الاجتماعي المباشر للأسر؛ بمعنى أنه تسقيف وليس تحرير، إنصافاً للأسر المستحِقّة فعلاً للدعم”.
وفي هذا الصدد، قدم رئيس الحكومة نموذج غاز البوتان، الذي تكلف القنينة الواحدة منه (من الحجم الكبير)، ميزانية الدولة، ما يعادل 100 درهم، وهو قيمة مالية كبيرة، أكد أخنوش على أن الحكومة ستقوم بمراجعتها، بزيادة 10 دراهم سنويا ابتداء من أبريل القادم، وذلك إلى غاية سنة 2026، وهو ما يعني أن سعر القنينة سيصل إلى 70 درهم بحلول 2026.
شافعي: الزيادة في سعر الغاز صدمة قوية للشعب المغربي
قال نائب رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك، عبد الكريم شافعي، أنه في الوقت الذي كان ينتظر فيه المغاربة تدخل الحكومة من أجل اتخاذ إجراءات ناجعة في سبيل الحد من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وتراجعها بالأسواق، عاد عزيز أخنوش، ليصدم الشعب وبشكل مباشر بالزيادة في أسعار غاز البوتان الذي يشكل مادة أساسية لدى جميع المغاربة، بما فيهم الفلاحون الصغار.
وأوضح شافعي في تصريح لموقع الأنباء تيفي، أن الإعلان عن زيادة 10 دراهم في سعر القنينة الواحدة من غاز البوتان دفعة واحدة، خلال كل سنة وإلى غاية سنة 2026، سيشكل ضربة قوية للطبقة المتوسطة والفقيرة بالمغرب، مؤكدا على أن هذا الإجراء ستتأثر به مواد أخرى، والتي سيرتفع سعرها أيضا نظرا لارتباطها بخدمات غاز البوتان، خاصة المنتجات التي يصدرها الفلاحون الصغار الذين باتوا يلعبون أدوارا مهمة في تزويد السوق الوطنية، بعدما توجه الفلاحون الكبار إلى تصدير منتجاتهم نحو الخارج.
وإضافة إلى ذلك، يؤكد نائب رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك، على أن الحكومة أعلنت أيضا أنها سترفع من نسبة العديد من الضرائب، ناهيك عن ارتفاع فواتير استهلاك الكهرباء والماء، وهو ما يعني أن القدرة الشرائية للمواطن المغربي منهكة بشكل كبير جراء الغلاء الحالي، وبالتالي فإن إجراءات أخرى من هذا القبيل، ستقضي على القدرة الشرائية للمواطنين.
وأمام هذا الوضع، وأمام استمرار صمت الحكومة وتعنتها في إقرار المزيد من الزيادات، يضيف المتحدث، سيصير الدعم الاجتماعي المباشر الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك، لا معنى له، ولن يساهم في تحسين الأوضاع المادية للفئات الهشة، وإنما ستبقى في الوضع الذي هي عليه، إن لم يتم تخفيض أسعار المواد الاستهلاكية.
مضيفا، أن الزيادة المرتقبة في مجموعة من أسعار المواد الاستهلاكية، لن يمر مرور الكرام، وإنما قد يرافقها احتقانات حادة سيعكسها الشارع المغربي في مظاهرات سيخرج لها المغاربة تنديدا بالغلاء على غرار ما حصل في السابق.
جدري.. بسبب غاز البوتان أسعار سلع وخدمات أخرى مهددة بالارتفاع
قال المحلل الاقتصادي، محمد جدري على أن إصلاح صندوق المقاصة، أصبح شرا لا بد منه، وذلك بالنظر لعدم إمكانية الاستمرار في طريقة الدعم غير المباشر التي تكلف ميزانية الدولة عشرات الملايير من الدراهم سنويا.
وفي هذا الصدد، أوضح جدري في تصريح لموقع الأنباء تيفي، أنه في سنة 2022 ضاعت على ميزانية الدولة ما يعادل 40 مليار درهم، في وسنة 2023 ما يراوح 26 مليار درهم، دون أن تستفيد منها الفئات الهشة، خاصة ذوي الدخل المحدود.
وبخصوص تعميم التعويضات العائلية على مختلف الفئات المكونة المجتمع، قال محمد جدري، على أنه لا يمكن للدولة أن تستمر فيه، وفي الآن نفسه أن تحافظ على صندوق المقاصة بطريقته التقليدية، وبالتالي فإصلاحه أمر مهم، لكن شريطة القيام بمجموعة من الإجراءات الموازية، من أجل انجاح هذا الاصلاح، على حد تعبير المتحدث.
وكشف المحلل الاقتصادي، أن أول هذه الإجراءات، يتعلق بدعم الفئات الهشة، وذلك بدعم لا ينبغي أن يقل عن 500 درهم وذلك حسب ما أعلنته الحكومة أمس الاثنين، مشيرا إلى أن الأمر الثاني يتعلق بمواكبة هذا الدعم، وبتحسين القدرات الشرائية لدى الطبقات المتوسطة، عبر اتخاذ مجموع من الإجراءات على رأسها التقليص من الضريبة على دخل هاته الفئة، أو إزالة مصاريف التمدرس وعدم احتسابها ضمن الضريبة على الدخل..
أما الأمر الثالث يتعلق حسب جدري، بضرورة بتفعيل المراقبة الصارمة لمجموعة من السلع والخدمات، حيث قال “بعد رفع الدعم عن صندوق المقاصة، ستشهد مجموعة من السلع والخدمات ارتفاعات خيالية في أسعارها، وهو ما سيضر شريحة مهمة من المغاربة”.
والإجراء الرابع، يحدده المتحدث في ضرورة تحفيز مجموعة من المقاولات التي تعتمد في انشطتها علر غاز البوتان، وذلك لدعم تنافسيتها في السوق، عن طريق ما هو جبائي أو المواكبة التقنبة، أو فتح أسواق جديدة، أو تحسين قدراتها التسويقية..
وفي هذا السياق، قدم جدري نموذج الفلاح الصغير الذي يستعمل غاز البوتان في السقي، وبالتالي فالرفع من سعر هذه الخدمة سيكون مكلفا له، وهو ما سينعكس بشكل سلبي على أسعار منتجاته، وهو ما سيؤثر في آخر المطاف على المستهلك المغربي.
وشدد جدري على أن المستهلك المغربي هو الذي سيؤدي ثمن ذلك، وأن عدم اتخاذ إجراءات موازية لإصلاح صندوق المقاصة، سيؤدي لمستويات تضخم قياسية وبالتالي فالدعم الاجتماعي الممنوح للفئات الهشة، لن يكفيها حتى في تأدية فاتورة السلع والخدمات.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...